الرئيسية / مقالات رأي / ذكرى قاسم سليماني: أسبوع محفوف بالمخاطر

ذكرى قاسم سليماني: أسبوع محفوف بالمخاطر

بقلم: علي حمادة – النهار العربي

الشرق اليوم- يوم الأحد المقبل يصادف ذكرى مرور عام على تصفية القوات الأميركية قائد “فيلق القدس” قاسم سليماني في محيط مطار بغداد الدولي. وقد بدأت ملامح توتر الميليشيات العراقية التابعة لـ”الحرس الثوري” الإيراني تتصاعد، لا سيما في المواجهة المحتدمة بين بعض الفصائل في “الحشد الشعبي” و رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي تلقى في اليومين الماضيين تهديدات علنية من “حزب الله” العراقي و”عصائب أهل الحق” المؤتمرة مباشرة بـ”الحرس الثوري” الإيراني، وخصوصا على خلفية مسارعة قوى الأمن العراقية التابعة لإمارة رئيس الوزراء الى اعتقال عدد من المسؤولين في المليشيات المذكورة بتهمة اطلاق صواريخ على مقر السفارة الأميركية في بغداد أصاب العديد منها مباني سكنية في المنطقة الخضراء حيث تقع السفارة.

في هذه الأيام التي تفصلنا عن موعد إحياء الإيرانيين و الميليشيات التابعة لهم في منطقة الشرق الأوسط ذكرى تصفية سليماني، هناك من يعتبر أن الانتقام لمقتل قائد كل هذه الميليشيات لم يحصل، وأن الرد ما كان في مستوى قتل سليماني الذي كان يعتبر نقطة ارتكاز السياسة التوسعية الإيرانية في الإقليم، فيما ساد قرار إيراني مركزي بتجنب الرد بمستوى يعطي الأميركيين ذريعة لتوجيه ضربة كبيرة وموجعة للإيرانيين في مرحلة كان يبدو فيها الرئيس دونالد ترامب مستعدا للذهاب بعيدا في معاقبة الإيرانيين لو تجرأوا وردوا بقتل مواطنين اميركيين، أو وجهوا ضربات موجعة لمصالح أميركية في المنطقة أو خارجها.

في مطلق الأحوال بقي مقتل قاسم سليماني من دون رد حقيقي في ما عدا مسرحية قصف قاعدة “عين الأسد” المشتركة بين القوات العراقية والأميركية، وما تلاها من كارثة اسقاط الطائرة الأوكرانية في محيط طهران عن طريق الخطأ. و قد لمس الإيرانيون طوال سنة 2020 كم كان تصميم الأميركيين كبيرا على التحرش بهم وتوجيه ضربات موجعة لمواقع وأهداف عسكرية مهمة في مختلف أنحاء الإقليم، وصولا الى قلب ايران نفسها، وذلك بالتعاون مع الإسرائيليين الذين حققوا قفزات كبيرة في المجال الاستخباري في السنوات العشر الأخيرة في مواجهة الإيرانيين والميليشيات التابعة لهم، من لبنان الى سوريا فالعراق، تجلت في ما تجلت في الضربات الدقيقة التي وجهوها الى الأهداف الإيرانية على اختلافها.

و لعل أهم تجليات التقدم في المسار الاستخباري الإسرائيلي في مواجهة الإيرانيين، طريقة تصفية “أبي القنبلة النووية ” الإيرانية محسن فخري زاده في ضاحية طهران، من دون أن تصدر حتى الآن رواية إيرانية واحدة ذات صدقية تشرح كيف جرى قتل فخري زاده. فقد تعددت الروايات الإيرانية الى حد صارت مثيرة للسخرية، يقابلها صمت إسرائيلي مطبق.

أكثر من ذلك، بدت معالم التقدم الاستخباري الإسرائيلي أيضا في حجم الغارات وكمها التي وجهها سلاح الجو الإسرائيلي ضد الأهداف التابعة لـ”الحرس الثوري” وميليشياته في سوريا، وعلى الطريق البري الواصل مع العراق، فضلا عن لبنان حيث ارتفع منسوب التوتر لدى “حزب الله” مخافة أن تقوم إسرائيل، بغطاء أميركي، بتوجيه ضربة موجعة لهدف استراتيجي قد يتمثل، بحسب مصادر دبلوماسية غربية في العاصمة اللبنانية بيروت، في موقع لتطوير صواريخ دقيقة للحزب وتخزينها، أو القيام بعملية “قتل مستهدف” تصيب قادة من الصفوف العليا. 

كل هذا يحصل في وقت تتقاطع فيه مؤشرات القلق في الإقليم من احتمالات قيام الإيرانيين بعمل أمني ما في العراق يقع على حافة الخطوط الحمر الأميركية، مثل استهداف رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي من جانب ميليشيات عراقية تابعة للإيرانيين، ما من شأنه أن يعقد إمكان حصول رد أميركي، أو إسرائيلي على أهداف إيرانية استراتيجية. فتسديد ضربة أمنية في اتجاه رئيس الوزراء العراقي يمكن وضعه ضمن إطار الخلافات السياسية الداخلية العراقية، وقد يكون هذا الرد السياسي الأمني الذي يجهز له الإيرانيون، لمحاصرة الدور الأميركي في العراق، وإدراج ذلك في إطار الرد على تصفية قاسم سليماني. فبقاء الكاظمي رئيسا للوزراء يزعج الدور الإيراني في العراق، و يمنع حتى الآن وضع اليد الإيرانية بالكامل على القرار العراقي السيادي، فيما إخراجه من المعادلة يمثل انتصارا إيرانيا صافيا في مرحلة تحتاج فيها إيران الى تجميع كل الأوراق في المنطقة بانتظار حلول جو بايدن في البيت الأبيض، وبدء التحضير لطاولة المفاوضات العتيدة بين واشنطن وطهران.

ولا يغيب عن البال أن تجميع الأوراق لا يقتصر على العراق، بل يمتد الى لبنان حيث يؤخر “حزب الله”، عن طريق حليفة الرئيس ميشال عون، تشكيل حكومة جديدة بمواصفات مستقلة وغير حزبية من شأنها إخراج “حزب الله” من الحكومة مباشرة أو مداورة. إنها مرحلة الانتظار الثقيل التي تمر بها المنطقة، والعين على بغداد، وعلى الرد الإيراني على تصفية قاسم سليماني، الذي يُتخوف من أن يتمثل في استهداف الحالة التي يمثلها الكاظمي.    

شاهد أيضاً

إنصاف «الأونروا»

بقلم: وليد عثمان – صحيفة الخليج الشرق اليوم- لم تكن براءة وكالة الأمم المتحدة لغوث …