الرئيسية / مقالات رأي / The Economist: جو بايدن يرغب بالالتزام من جديد بالاتفاقية النووية مع إيران

The Economist: جو بايدن يرغب بالالتزام من جديد بالاتفاقية النووية مع إيران

الشرق اليوم- لم يكن منفذ الاغتيال إنساناً، تعرّض محسن فخري زاده، كبير العلماء السابق لبرنامج إيران للتسليح النووي إلى القتل بالرصاص في السابع والعشرين من نوفمبر بواسطة رشاش آلي يعمل بجهاز تحكم عن بعد كان مثبتاً على شاحنة نقل ملغمة – وفق معلومات نقلتها وكالة فارس وهي وكالة أنباء إيرانية. “لم يكن هناك شهود في موقع الجريمة،” قال علي شامخاني، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، بينما أشارت تقارير أخرى إلى احتمالية وجود مطلقي نار – بشريين – في المكان وأنهم استطاعوا الفرار، على أي حال فإنَّ الطلقات كانت حقيقية بالتأكيد.

قومياً، كان السيد فخري زاده برفيسور الفيزياء هو العقل المدبر وراء مشروع آماد، المتمثل بسعي إيران السري للتسلح النووي في الفترة بين الثمانينات وعام 2003. بعد أن أوقف القادة الإيرانيون المشروع الرسمي، استمر السيد فخري زاده بالخوض في أبحاث ثنائية الأغراض، وكان ذلك لإبقاء احتمال صنع قنبلة نووية خياراً قائماً. تشير بعض الوثائق التي تمكنت الموساد – وكالة المخابرات الإسرائيلية – من سرقتها إلى أنَّ 70% من أعضاء الفريق الذي كان يعمل معه في مشروع آماد بقي بصحبته في المنظمة الجديدة، كل هذهالتفاصيل جعلت من فخري زاده  شخصاً مستهدفاً، ناهيك عن تعرّض عدد من العاملين تحت إمرته للاغتيال في عمليات نُفذت أغلب الظن بأيدٍ إسرائيلية بين عامي 2007 و 2012.

 حين عرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الملفات المسروقة في عام 2018، ركّز على ذكر السيد فخري زاده بالاسم. قد يكون غرض إسرائيل من اغتياله هو تأخير برنامج إيران النووي عبر التخلص من أكثر مدراءه خبرة، إلا أنَّ الهدف الأكثر أرجحية هو عرقلة مساعي جو بايدن – الرئيس الأميركي المنتخب حديثاً – لإعادة إحياء الاتفاق النووي الذي وقعته إيران وست قوى عالمية أخرى في عام 2015.

تحت بنود الإتفاقية المسماة ’خطة العمل الشاملة المشتركة‘ أو  (JCPOA)وافقت إيران على كبح جماح برنامجها النووي والسماح بتعرض منشآتها لعمليات تفتيش صارمة لقاء رفع العقوبات الدولية عنها، لم يكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب راضياً عن هذه الاتفاقية ودعاها “أسوأ صفقة على الإطلاق”، ثم سحب الولايات المتحدة منها وأمطر إيران بوابل من العقوبات المتتالية. أتى رد إيران عام 2019 متمثلاً بمهاجمة سفن الشحن الدولية وتوجيه ضربات إلى المملكة العربية السعودية باستعمال الصواريخ والطائرات من دون طيار، كما ثابرت على انتهاك شروط الاتفاقية بالتدريج، إذ إنها قد وصلت الآن إلى تجميع كمية من اليورانيوم المخصّب تفوق المسموح به بما يعادل 12 مرة – وهي كمية كافية لصنع قنبلتين إن جرى العمل على تخصيبها أكثر، بالإضافة إلى أنها تجاوزت حد النقاوة المسموح به في التخصيب لجزء من هذه الكمية، وأجرت أبحاثاً لبناء أجهزة طرد مركزي أكثر تطوراً ثم نقلت بعضاً منها إلى منشأة تحت الأرض، إلا أنّها لم تتدخل فعلياً في أي عملية تفتيش أجرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) كلب حراسة منظمة الأمم المتحدة لكلِّ الشؤون النووية.

نظرياً، يسهل إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء، إذ يقول بايدن أنّه سيعاود الانضمام إلى اتفاقية خطة العمل الشاملة المشتركة إن عادت إيران إلى الانصياع لشروطها، بينما صرّح وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف أنَّ بلاده “ستعود على الفور إلى الالتزام الكامل بالاتفاقية” في حال رفع بايدن العقوبات عنها. ويلاحظ إيلان غولدنبرغ الخبير في معهد مركز الأمن الأمريكي الجديد – وهو مؤسسة فكرية في واشنطن – وجود فجوة صغيرة بين استلام الرئيس بايدن لمهامه في العشرين من يناير وبدء الانتخابات الرئاسية الإيرانية في الثامن عشر من يونيو ويقول “إن أسلس وأسهل وأبسط  خيار هو عودة الفريقين إلى الالتزام باتفاقية خطة العمل الشاملة المشتركة. لكن على أرض الواقع، قد تكون الأمور أكثر تعقيداً بكثير.

لنبدأ بإيران التي ابتهج قادتها في البدء بانتصار السيد بايدن وبأرجحية إعادة تنشيط مبيعات النفط والتجارة، وفي اجتماعاته، كرر السيد ظريف بحماسة اسم جون كيري، الشخص الذي اختاره السيد بايدن لإدارة شؤون المناخ ونظير السيد ظريف خلال مفاوضات اتفاقية خطة العمل الشاملة المشتركة، إلا أنَّ السيد ظريف هو عضو ينتمي إلى معسكر إيران البراغماتي الذي قوّضه فشل اتفاقية خطة العمل الشاملة المشتركة التي كان من المفترض لها أن تقدم منافع اقتصادية للبلاد.

في الوقت نفسه، فاز المتشددون فوزاً ساحقاً في الانتخابات البرلمانية التي دارت في فبراير (بعد حرمان العديد من المرشحين المعتدلين من المشاركة)، وباتوا يخشون أنَّ إعادة الالتزام بالاتفاقية النووية سوف ينعش سلطة البراغماتيين، ويرغب بعضهم بالحصول على تعويضات لقاء الضرر الذي سببته  العقوبات الأميركية.

إنَّ اغتيال السيد فخري زاده مقروناً ببرود التنديد الأوروبي لمقتله منح هذه الفئة حجة أكبر لدعم موقفها. وسارع الحرس الثوري الإسلامي – القوة العسكرية الرئيسية في إيران – إلى حشد وكلائه في البرلمان. أما في الأول من ديسمبر، فقد أقرَّ المشرّعون الإيرانيون مشروع قرار للحكومة لزيادة تخصيب اليورانيوم إلى درجة تقارب ما يُستعمل للأغراض التسليحية، وطرد مفتشي وكالة الطاقة الذرية في حال عدم رفع عقوبات أميركية معينة عن البلاد، وصرّح وزير الدفاع الإيراني أنَّ الميزانية التي كانت مخصصة لمنظمة السيد فخري زاده القديمة سوف تتضاعف.

يُنظر إلى اتفاقية خطة العمل الشاملة المشتركة داخل الولايات المتحدة بعين التشكك، كذلك الأمر في إسرائيل ودول الخليج، ويدقق المشككون على ثلاث نقاط، أولها هو الخط الزمني (يرجى الرجوع إلى الجدول). سينتهي حظر الأسلحة المفروض على إيران في أكتوبر، وسينتهي الأجل المحدد للقيود الموضوعة على استيراد وتصدير القذائف وأجهزة الطرد المركزية المتقدمة – أو تنتهي مدة سريانها – خلال ثلاث سنوات، وستنتهي معظم العقوبات الأخرى كذلك في ما يقارب العقد من الزمان (رغم أنَّ التدقيق الشديد الذي تمارسه الوكالة الدولية للطاقة الذرية سوف يستمر إلى الأبد) أمّا النقطة أو الشكوى الثانية فهي ازدهار برنامج إيران النووي، متمثلاً بالحنكة التي أظهرتها في يناير، حين انتقمت من الولايات المتحدة إثر اغتيال الأخيرة لقاسم سليماني قائد فيلق الحرس الثوري الإيراني، وأتى انتقامها على شكل ضربات جوية دقيقة الأهداف للقوات الأميركية في العراق. والسبب الثالث للتشكك هو طريقة تصرف إيران في المنطقة، وبالتحديد رعايتها لمجموعات مسلّحة مثل حزب الله، وهو حزب ميليشيا سياسية لبناني.

يرغب حلفاء أميركا الإسرائيليون والعرب بالإضافة إلى العديد من المترقبين في واشنطن برؤية السيد بايدن وهو ينتزع تنازلات من إيران فيما يخص هذه القضايا قبل أن يعود للانضمام إلى اتفاقية خطة العمل الشاملة المشتركة. “أعتقد أنَّ توازن القوى يميل الآن لمصلحة الأميركيين،” يقول عاموس يادلين الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، مشيراً إلى العقوبات الأميركية الحازمة وقتل سليماني من بين جملة عوامل أخرى. وتُجمع تقييمات استخباراتية إسرائيلية على أنَّ الضغط الاقتصادي وضع النظام الإيراني في حالة “قلقلة غير مسبوقة”.

يعاني الاقتصاد الإيراني من “فقر الدم”، أما التضخّم فقد غدا “معنّداً” حسب رأي إسفنديار باتمانقليج من ’بورس وبازار‘، وهو موقع إلكتروني يعمل على تحليل معطيات الاقتصاد الإيراني. تقلّص إجمال الناتج المحلي بنسبة 5.4% عام 2018 وبنسبة 6.5% عام 2019 وسينكمش أكثر هذا العام (يعود السبب جزئياً إلى انتشار كوفيد-19). كل ذلك أدّى إلى خروج احتجاجات في البلاد، إلا أنها لم تؤدي إلى تغيّر النظام كما أمل بعض أفراد إدارة ترامب. “نحن بعيدون للغاية عن سيناريو الانهيار الذي يدور النقاش حوله،” يقول السيد باتمانقليج، وتزعم الشركات التي تتابع الناقلات أنَّ صادرات النفط الإيراني ارتفعت بحدة خلال شهر سبتمبر، في تحدٍ واضح للعقوبات الأميركية. تحاول قوات حفظ الأمن التابعة للدولة التغطية على حالة السخط العام بينما قتلت منذ عام مئات المحتجين خلال يومين وحسب. “لا أرى أي خطر يتهدد الاستقرار الداخلي،” يقول الأكاديمي الإيراني.

يرفض السيد بايدن على أي حال فكرة وضع شروط مسبقة قبل إعادة الالتزام باتفاقية خطة العمل الشاملة المشتركة ، وقد أخبر توماس فريدمان من صحيفة نيويورك تايمز:”هنالك الكثير للتحدث عنه بشأن الصواريخ الدقيقة وكل الأمور الأخرى التي تزعزع استقرار المنطقة،” لكنّ “أفضل طريقة لتحقيق استعادة الاستقرار في المنطقة،” هو التعامل “مع قضية البرنامج النووي.” أما جيك سوليفان، الشخص الذي اختاره بايدن ليكون مستشاره لشؤون الأمن القومي، فقد قال أنَّ المسائل الأخرى سيجري التعامل معها في مفاوضات لاحقة.

إنَّ مضمون وتوقيت محادثات من هذا النوع ما يزال معلقاً، إلا أنّها على الأرجح سوف تضم تنازلات جديدة من الجانبين، وهو ما يدعوه الدبلوماسيون باتفاقية “أكثر-مقابل-أكثر”. من جهة إيران فإنها على الأغلب سوف تسعى للحصول على إمكانية التعامل بالدولار، وتخفيف العقوبات المفروضة على قطاعي الطاقة والصناعة، بالإضافة إلى اتفاق قانوني ملزم لا يمكن الانقلاب عليه بالسهولة التي تخلى بها ترامب عن اتفاقية خطة العمل الشاملة المشتركة، وذلك من وجهة نظر إيلي جيرانمايا من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية – وهو مؤسسة فكرية.

أما بالنسبة للولايات المتحدة فلا بدَّ أن تكون أهم أولوياتها تمديد زمن انتهاء تعليق نشاطات التخصيب، كما يقترح غاري سمور من جامعة برانديز، والذي شغل في السابق منصب كبير مسؤولي الحد من التسليح في حكومة أوباما بين عامي 2009 و 2013. يقترح السيد يادلين تمديد هذه المدة إلى 30 عاماً عوضاً عن 15، وأنَّ تطلق يد الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتصبح جولاتها التفتيشية “في كل مكان” و”دون أي قيود”، بينما يُفرض على إيران التصريح بكافة تفاصيل أعمالها المتعلقة بالتسليح، ويتابع قائلاً “إن اجتمعت هذه الأمور الثلاثة فسوف أنام قرير العين في الليل.” في الوقت نفسه، يعتقد السيد غولدبيرغ أنَّ العقد الذي يفصلنا عن انتهاء أمد سريان التقييد يتيح للولايات المتحدة إيلاء اهتمامها “للعمل على بناء حوار إقليمي” بين إيران ومنافسيها، باستعمال أمور عديمة الضرر مثل التعاون المشترك لمواجهة كوفيد-19، لتمهيد الطريق أمام مسائل أكثر إثارة للجدل.

إن انضم السيد بايدن من جديد إلى اتفاقية خطة العمل الشاملة المشتركة دون إعادة بناء بنودها، أو إن لم تفضي المحادثات اللاحقة إلى أي نتيجة، فمن الطبيعي أن يواجه معارضة عنيدة من حلفاء أميركا الإقليميين. “إن قدّموا لنا اتفاقية تماثل خطة العمل الشاملة المشتركة، فإننا سوف نحاول جهدنا لتغييرها،” يقول أحد المسؤولين الإسرائيليين. “ففي النهاية، لن نرتاح حتى نحصل على حل أفضل.” إنَّ حدوث مواجهة بين السيد نتنياهو والسيد بايدن هو أمر “حتمي”، يقول راز زيمت من معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، وهو مراقب مخضرم للشؤون الإيرانية في المخابرات الإسرائيلية. “من مصلحة نتنياهو السياسية متابعة اتخاذ موقف متشدد قدر الإمكان، ولا يمكن لأحد في الحكومة أو المؤسسات الأمنية حالياً مناقضته علناً.”

يمتلك السيد نتنياهو العديد من الوسائل للتأثير على الحسابات الأميركية والإيرانية. خلال فترة إدارة أوباما كان التهديد المستمر بتوجيه إسرائيل ضربات تستهدف برنامج إيران النووي حافزاً قوياً للعقوبات والمساعي الدبلوماسية على حد سواء، وهي التي قادت الولايات المتحدة إلى التعاون مع إسرائيل لتنفيذ هجوم إلكتروني شهير عرف باسم ’ستكسنت‘ استهدف أجهزة الطرد المركزي الإيرانية. ناهيك عن اغتيال السيد فخري زاده، فإنَّ الشكوك تدور حول إسرائيل في تنفيذ سلسلة من التفجيرات في المنشآت النووية حدثت خلال الصيف، والضغط على إيران في مناطق تقع خارج حدودها أيضاً. “هناك أمور غير مسبوقة تحدث في سوريا،” قال المسؤول الإسرائيلي ملمحاً. “لقد تعرضت معدات إيرانية تساوي مليارات الدولارات إلى الاحتراق.” ودارت آخر غارة جوية إسرائيلية مشكوك بأمرها في التاسع والعشرين من نوفمبر، مودية بحياة قائد إيراني على الحدود مع العراق.

يشعر خصوم إيران من العرب بقلق مشابه، إلا أنّهم أقل قدرة على الإتيان بأي تصرف، وأكثر حذراً. لقد راقبوا اتساع نفوذ إيران الإقليمي في سوريا والعراق واليمن في السنوات التي أعقبت توقيع اتفاقية خطة العمل الشاملة المشتركة، وتعمقت شكوكهم المتعلقة بأميركا في العام الماضي بعد رد السيد ترامب الضعيف على الهجوم الإيراني بالصواريخ والطائرات المسيّرة على منشآت نفطية سعودية هامة، وهذه المخاوف هي ما أظهر للعيان بالتدريج المحور العربي-الإسرائيلي. في أغسطس، أسست الإمارات العربية المتحدة روابط دبلوماسية مع إسرائيل، وتبعتها البحرين بعد شهر واحد، ويُعتقد أنَّ الأمير محمد بن سلمان – الحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية – قد التقى بالسيد نتنياهو في نوفمبر.

لا تمتلك الدول العربية قوة تُذكر لتقدمها لإسرائيل، إلا أنّها تستطيع السماح لطائرات إسرائيل الحربية بالمرور من أجوائها في الطريق نحو إيران، ويمكن لها تقديم بعض المعلومات الاستخبارية التي قد لا يكون الموساد يمتلكها، أما الأمر الذي يمكن أن يصنع فارقاً حقيقياً فهو حشد الأصوات المعارضة للعودة إلى اتفاقية خطة العمل الشاملة المشتركة في واشنطن، وهو أمر سيصعّب مهمة بايدن في تدعيمها أو التوصل إلى أي اتفاقية أخرى استكمالية لها بموافقة المجلس التشريعي. مع مرور الوقت، قد تتسع الفجوة بين المصالح العربية والإسرائيلية، فأكبر اهتمامات إسرائيل يتمثل في سحق نشاطات إيران النووية، بينما تقلق الدول العربية حيال توسع نفوذ إيران الإقليمي، وهي في الوقت نفسه معرضة أكثر للوقوع ضحية التصعيد في حال تجدد العقوبات أو إن أدّت العمليات التخريبية الإسرائيلية إلى جعل إيران تنفجر غضباً من جديد. قد تكون الإمارات العربية المتحدة تمتلك أقوى الجيوش العربية، إلا أنَّ اقتصادها الذي يعتمد على السفر والتجارة ويستورد معظم احتياجاته يمكن أن يكون حساساً للغاية. “نحن البلد الأقرب بحراً إلى إيران،” يقول أحد الدبلوماسيين الإماراتيين. “نحتاج طوال الوقت إلى الحفاظ على التهدئة.” وقد سارعت الإمارات بشكل ملحوظ إلى استخدام استهداف السيد فخري زاده لتحض على “أقصى درجات ضبط النفس”.

على المدى القصير، يتعين على قادة إيران اتخاذ قرار بشأن الانتقام لمقتل السيد فخري زاده أم لا، وطريقة تنفيذ هكذا انتقام، كان ردها على مقتل سليماني استعراضياً إلا أنّه لم يسبب ضرراً كبيراً لأميركا، إذ إنَّ إيران كانت تدرك تماماً أنَّ توجيه ضربات مباشرة لإسرائيل قد يفضي بها إلى تكبّد رد عنيف – ربما يأتي على يد ترامب الذي يستطيع ترك تبعات أعماله تقع على عاتق خليفته، وبهذا يمكن لهجومٍ منفذ ضد أحد أصدقاء إسرائيل الجدد في الخليج إرسال رسالة جلية دون أن يؤدي إلى حدوث حرب. مع ذلك، لا يزال بعض المسؤولين الإيرانيين ينصحون بضبط النفس على أمل تمهيد الطريق للعودة إلى اتفاقية خطة العمل الشاملة المشتركة. بعد مرور ثلاثين عاماً لآية الله علي خامنئي في منصب المرشد الأعلى، بدأ الآن نجمه بالأفول، وغدا الإنتقال أمراً يشغل بال أعضاء مجلسه “لضمان الاستمرارية بعد موت المرشد الأعلى، يحتاج المجلس أن تتدفق عوائد النفط من جديد، ولهذا لابدَّ لهم من التوصل إلى نوع من التوافق مع الولايات المتحدة،” يقول الأكاديمي الإيراني. لن ترفض إيران التوصل إلى مضاعفة مدة انتهاء القيود عليها إن كان ذلك في سياق نطاق تسويات أوسع مع الولايات، يقول ولي نصر، وهو مسؤول سابق في وزارة الخارجية. قد يصل بها الأمر حتى إلى الموافقة على الانسحاب من بعض الصراعات الإقليمية، على الأخص تلك التي تدور في اليمن، لكنّها على الأرجح سوف ترغب برؤية بوادر على نفس المستوى من خصومها العرب، الأمر الذي يتطلب درجة ثقة قد يصعب بلوغها.

شاهد أيضاً

لبنان- إسرائيل: لا عودة الى ما قبل “طوفان الأقصى”

بقلم: علي حمادة- النهار العربيالشرق اليوم– تسربت معلومات دبلوماسية غربية الى مسؤولين لبنانيين كبار تشير …