الرئيسية / الرئيسية / The New York Times: المُنافسة التعاونية ممكنة بين الصين والولايات المتحدة

The New York Times: المُنافسة التعاونية ممكنة بين الصين والولايات المتحدة

BY: Fu Ying

الشرق اليوم – إن التوجه السياسي المستقبلي للولايات المتحدة الأمريكية يُعد موضوعًا ساخنًا للعديد من الناس في الصين، حيث أن السياسات الداخلية للدول الكبرى لم تعد تتعلق بما يحدث داخل حدودها أبدًا.

لا يمكن إنكار حقيقة أن العلاقات الصينية – الأمريكية تعرضت لأضرار جسيمة على مدى السنوات الأربع الماضية. لقد عبر كل بلد عن شكواه وقلقه تجاه الآخر.

وتعتقد الولايات المتحدة أن الصين تسعى إلى فرض هيمنتها على العالم. كما ترى بكين أن واشنطن تحاول عرقلة طريق الصين للتقدم إلى الأمام وتعيق سعي شعبها لحياة أفضل.

يبدو أن الطرفين مقتنعان بأن الطرف الآخر هو المخطئ دائمًا. إن أي مبادرة يقوم بها أحدهما يعتبرها الآخر دائمًا محاولة لتقويضه، فعلى سبيل المثال، اقترحت الصين “مبادرة الحزام والطريق” باعتبارها منفعة عامة عالمية؛ لتعزيز المزيد من النمو وزيادة التواصل، لكن أمريكا تفسر المشروع على أنه استراتيجية للهيمنة الجيوسياسية.

وجهات نظر أخرى بشأن سياسات الصين

مع تزايد توتر العلاقات في السنوات الأخيرة، بدأت واشنطن في “التنمر” على شركات التكنولوجيا الفائقة الصينية، وجعل الأمور صعبة على الطلاب الصينيين. لقد التقيت بالعديد من رواد الأعمال الصينيين الشباب الذين درسوا في أمريكا والذين يشعرون بالحيرة اليوم لأنهم يعاملون على أنهم تهديد أمني للولايات المتحدة، بعد سنوات عديدة من الشراكة المثمرة بين البلدين. إن تسييس التبادلات بين الناس قد جعل الكثيرين يتساءلون عما إذا كان من الممكن إعادة تنشيط العلاقات التي كانت مفيدة للطرفين لفترة طويلة.

ولتحديث هذه العلاقة، يجب على كل جانب أن يقيم بدقة نوايا الطرف الآخر. لا تريد الصين استبدال الهيمنة الأمريكية في العالم. كما لا يتعين على الصين أن تقلق بشأن تغيير الولايات المتحدة لنظام الصين.

وستكون مأساة تاريخية إذا تحركت دولتان بهذه القوة نحو المواجهة استناداً إلى تصورات خاطئة. لن يعمل هذا إلا ضد مصالحهم الأساسية، وسوف يدفع العديد من الشركات والأفراد الثمن.

لدى كلتا الحكومتين أجندات محلية مهمة يجب الاهتمام بها، ولذا حتى إذا كانت المنافسة بين الصين والولايات المتحدة أمرًا لا مفر منه، فيجب إدارتها بشكل جيد. يمكن للبلدين تطوير علاقة “التعاون” (التعاون + المنافسة) من خلال معالجة مخاوف بعضهما البعض.

وفي مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا، يجب أن تسود القواعد والقوانين. كما أنه من المهم أن تستمع بكين إلى المخاوف المشروعة للشركات الأمريكية في الصين وتتصدى لها، مثل دعواتها لتحسين حماية الملكية الفكرية والأمن الإلكتروني والحاسوبي والخصوصية، وتبذل الصين جهودًا قوية في جميع هذه المجالات من خلال تحسين قوانينها وتنفيذها. 

إضاف إلى أن اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني اعتمدت مؤخرًا تعديلات على قانون حقوق الطبع والنشر الصيني، مما رفع تكلفة الانتهاكات، من بين أمور أخرى.

ومن جانبها، يتعين على واشنطن أن تضمن تكافؤ الفرص للشركات الصينية في العمل في الولايات المتحدة، ولا ينبغي التعبير عن خوف أمريكا من مزايا شركة “هواوي” المتطورة من خلال التنمر الحكومي: هذا لا يضر الشركة فحسب، بل يحد أيضًا من وصول العديد من الأشخاص إلى التقدم التكنولوجي؛؛ بل يتعين على الحكومة الأميركية بدلاً من ذلك أن تشجع شركاتها على العمل والمنافسة مع شركة “هواوي”.

كما تبدو محاولتها حجب منصة التواصل الاجتماعي الشهيرة “تيك توك” لأسباب تتعلق بالأمن القومي غير عادلة؛ لأن الولايات المتحدة لم تثبت علنًا مزاعمها بشأن الانتهاكات الأمنية وتعهدت الشركة بالالتزام بجميع القوانين واللوائح الأمريكية.

تبدو حجة واشنطن للأمن القومي المزعومة ضد الشركات الصينية منافقة بالنسبة للصين، مع الأخذ في الاعتبار أن الصين، على مدار أربعة عقود أو أكثر من الإصلاح والانفتاح، رحبت بجميع أنواع التقنيات الغربية والشركات الأمريكية في الصين مع الحفاظ على أمنها الوطني.

ومع ذلك، إذا انخرط الجانبان في مفاوضات متكافئة وصريحة، فيجب أن يكونا قادرين على بناء أساس متين لعلاقات طويلة الأمد تعود بالفائدة على الطرفين.

وعلى الصعيد السياسي، حان الوقت لأن تتخلى الولايات المتحدة عن عادتها في التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. وإننا لنأمل أن تتعلم واشنطن من تدخلاتها الفاشلة في مختلف أنحاء العالم، على سبيل المثال في أفغانستان والعراق وليبيا. يجب أن تكون مخاوف أمريكا من أن القوات الأجنبية قد تتدخل في انتخاباتها الرئاسية بمثابة تذكير جيد لسبب حساسية الدول الأخرى تجاه تدخل الولايات المتحدة في شؤونها الداخلية.

وتجد الصين ذلك مهينًا عندما تشير الولايات المتحدة بإصبع الاتهام إلى النظام الصيني أو تتخذ إجراءات ضد بكين؛ بسبب سياساتها المتعلقة بالشؤون الداخلية. لكن الصين تحتاج أيضًا إلى أن تكون أكثر نشاطًا في تزويد بقية العالم بمعلومات مباشرة حول ما تمثله الدولة ولماذا تفعل ما تفعله.

ويمكن تهيئة جو أكثر هدوءًا عندما تحترم الصين والولايات المتحدة بعضهما البعض وتقران بأن لدى الآخر نظامًا سياسيًا مختلفًا يعمل بطريقته الخاصة.

وفي المجال الأمني، يتحمل كلا البلدين مسؤوليات لضمان استمرار السلام والهدوء اللذين تمتعت بهما منطقة آسيا والمحيط الهادئ على مر السنين. كما يجب على الولايات المتحدة أن تحترم إحساس الصين بالوحدة الوطنية وأن تتجنب تحدي الصين بشأن قضية تايوان أو التدخل في النزاعات الإقليمية في بحر الصين الجنوبي.

لا شك أن البحرية الصينية المتنامية قد فرضت بعض الضغط على الولايات المتحدة في غرب المحيط الهادئ. الجدير بالذكر أن البحرية الأمريكية، التي زعمت منذ فترة طويلة أنها القوة المهيمنة في المنطقة، تجد أن وجود قوة عسكرية محلية قوية اليوم أمر مقلق. قوبلت أنشطتها بالقرب من الأراضي التي تدعي الصين السيادة عليها باعتراضات متزايدة من الجيش الصيني.

إن عدم حساسية الولايات المتحدة تجاه مخاوف الصين بشأن تايوان والنزاعات الإقليمية في بحر الصين الجنوبي لا يمكن إلا أن تجعل بكين تشك في دوافع واشنطن: فهل تريد أمريكا مساعدة تايوان على الاستقلال؟ وهل تنحاز إلى المطالبين الآخرين في المنطقة من أجل إذلال الصين كما فعل الإمبرياليون في الماضي؟

لتجنب أي سوء تفاهم ونزاعات غير متوقعة، يجب على المؤسستين العسكريتين التحدث على المستوى الاستراتيجي من أجل بناء آليات لإدارة الأزمات المحتملة بشكل فعال وإيجاد طرق أخرى للتعايش السلمي.

وهذا ليس بالأمر المستحيل، ففي أواخر التسعينيات، أنشأت الصين والولايات المتحدة نظامًا استشاريًا بشأن الأمن البحري، وفي وقت لاحق، وضعوا كلا من المبادئ التوجيهية للتعامل مع المواجهات غير المخطط لها في البحر والجو وخط ساخن لنزع فتيل أي أزمات محتملة، وفي السنوات الأخيرة، أنشأوا آليات رسمية لإخطار بعضهم البعض بالأنشطة العسكرية الرئيسية.

الآن هم بحاجة إلى إجراء محادثات صريحة لفهم نوايا بعضهم البعض بشكل أفضل وبناء الثقة بينهم.

وأخيرًا، تدعو مجموعة من القضايا العالمية إلى تعاون وثيق بين الصين والولايات المتحدة، والقضية الأكثر إلحاحًا هي مكافحة جائحة فيروس “كورونا”، إذ يتمتع العلماء من كلا البلدين بسجل حافل من التعاون المهني في الاستجابة للأزمات الصحية الماضية، وينبغي تشجيعهم على تعظيم إمكانات التبادل والبحث المشترك مرة أخرى. والواقع أن كلاً من الصين وأميركا تتمتع بسعة الحيلة في تطوير اللقاحات، وإذا تعاونوا لجعل اللقاحات يسيرة التكلفة ومتاحة، سيستفيد العالم بأسره.

إن تغير المناخ يشكل مجالاً آخر يحتاج إلى اهتمام عاجل، ويتوقع العالم أن تلعب الصين والولايات المتحدة دورًا رائدًا، ولدى البلدين الكثير للعمل معًا.

وهناك مواضيع عالمية أخرى مثل: الاستقرار الاقتصادي والأمن الرقمي وإدارة الذكاء الاصطناعي، على سبيل المثال لا الحصر وكلها أيضاً تستدعي جهودًا موحدة.

ولمواجهة هذه التحديات، يتعين على الصين والولايات المتحدة التكاتف والتعاون مع جميع الأطراف المعنية الأخرى. عندها فقط يمكن أن تستمر تعددية الأطراف في بث الأمل في تحسين حياة البشرية.

شاهد أيضاً

السوداني يفتتح أعمال مؤتمر العمل العربي بدورته الخمسين

الشرق اليوم- افتتح رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، صباح اليوم السبت، أعمال مؤتمر …