الرئيسية / مقالات رأي / من يزعزع السلام في القرن الإفريقي؟

من يزعزع السلام في القرن الإفريقي؟

بقلم: محمد ثروت – اليوم السابع

الشرق اليوم- الاضطرابات التي تجري بين الحكومة الإثيوبية والجبهة الشعبية لتحرير إقليم تيجراي الإثيوبي بمنطقة القرن الإفريقي، تحتاج إلى وقفة قوية من الاتحاد الإفريقي ومؤسساته أولا ومجلس الأمن ثانيا، لأن القضية لم تعد مجرد صراعات داخلية بل امتدت لتشمل دول الجوار. فقد امتد الصراع بين الطرفين إلى الجارة ارتيريا التي تقع شمال إقليم تيجراي، وقد اعترف قائد قوات تيجراي بقصف مطار ارتيريا مبررا ذلك بوقوف ارتيريا إلى جانبا الحكومة الإثيوبية في نزاعها الداخلي، كما امتدت آثار الصراع الدائر إلى السودان التي تقع غرب الإقليم، بعد فرار آلاف اللاجئين من تيجراي إلى السودان، كما امتد النزاع أيضا إلى منطقة أمهرة الإثيوبية التي تقع جنوب تيجراي وامتد القذف المتبادل للصواريخ بين طرفي النزاع إليها، بما يهدد بوقوع حرب أهلية.     

الجانب المعلن في خلفيات الصراع في دولة إثيوبيا بين حكومة آبي أحمد الفيدرالية وحكومة إقليم تيجراي برئاسة ديبريتسيون جيبريمكاييل، حيث يحتج الأخير على قيام رئيس الوزراء آبي أحمد بتأجيل الانتخابات العامة في البلاد من أبريل 2020 إلى أغسطس ثم إلى أجل غير مسمى، وبالتالي عدم قانونية الحكومة لانتهاء ولايتها، مما اضطر  إقليم تيجراي إلى إجراء انتخابات داخلية في سبتمبر الماضي، رفضها البرلمان الاتحادي في أديس أبابا، وقطع الإمدادات المالية عن الإقليم كجزء من ميزانية البلاد الاتحادية، مما أثار سخط قيادات تيجراي، ولجوئهم للعمل المسلح ضد حكومة آبي أحمد.  واللافت للنظر أن رئيس الوزراء الإثيوبي الحاصل على نوبل للسلام (2019) لم يلجأ للحوار في تلك الأزمة بل إلى التصعيد بعزل عدد كبير من المسؤولين الفيدراليين على رأسهم وزير الخارجية ورئيس المخابرات وقائد الجيش، بل قام بعزل رئيس إقليم تيجراي نفسه وتعيين رئيس تنفيذي للإقليم مكانه، مما عقد المشكلة ولم يعمل على حلها.

إن منطقة القرن الإفريقي المضطربة أساسا لا تحتاج المزيد من الصراعات فهناك الصراع اليمني المستمر بين الحكومة اليمنية والحوثيين والحرب الأهلية في الصومال ومشكلة إقليم أوجادين، وعددا من الصراعات التي تهدد أمن واستقرار منطقة القرن الإفريقي.

فلا يجب أن يقف الاتحاد الإفريقي والمنظمات الدولية موقف المتفرج من الصراع الذي يهدد منطقة القرن الإفريقي والملاحة في البحر الأحمر، خصوصا أن هناك دوافع خفية لنقل الصراع خارج حدود إثيوبيا إما بهدف تعزيز انفصال الإقليم عن الحكومة الفيدرالية أو بهدف قيام حكومة آبي أحمد بإجراءات طارئة واستثنائية، تضمن استمرارها وبقاءها أطول وقت ممكن، دون انتخابات- بحجة وجود تهديدات على الأمن القومي البلاد.

الحاجة ملحة لاجتماع عاجل أون لاين لمجلس السلم والأمن الإفريقي ومجلس الأمن الدولي، لبحث تداعيات تلك الأحداث المتلاحقة في منطقة القرن الإفريقي، واتخاذ إجراءات تجبر أطراف النزاع على الجلوس لطاولة المفاوضات، ووقف إطلاق النار والدخول في حوار شامل، يضمن إلقاء السلاح والعودة للعملية السياسية، والعدالة في توزيع السلطة و الثروة. وعلى حكومة آبي أحمد أن تتوقف عن إطلاق التصريحات التي لا تفيد بشأن التدخلات الخارجية في الإقليم أو في الصراعات الداخلية سواء في مدينة إمبو أو مع شعب الأورمو أكبر قومية في البلاد، فقد ثبت للعالم كله أن رجل السلام يمارس القمع وليس الحوار كأسلوب لحل النزاعات والمشكلات الداخلية، مما يزيد من أمدها ويجعلها أكثر تهديدا لأمن القرن الإفريقي والقارة.

شاهد أيضاً

جامعات أميركا… حقائق وأبعاد

بقلم: إياد أبو شقرا- الشرق الأوسطالشرق اليوم– «الانتفاضة» التي شهدها ويشهدها عدد من الحُرم الجامعية …