الرئيسية / مقالات رأي / The Diplomat: الصين تسلب فيتنام أفضل أصدقائها!

The Diplomat: الصين تسلب فيتنام أفضل أصدقائها!

BY: Derek Grossman – The Diplomat

الشرق اليوم- طوال عقود، لم تنقطع الشراكات الاستراتيجية المميزة التي تقيمها فيتنام مع الدول الأخرى، لكن في السنوات الأخيرة، بدأت الصين تتحدى هيمنة فيتنام في كمبوديا ولاوس عبر الاستفادة القصوى من مشاريع “مبادرة الحزام والطريق” لتوسيع نفوذها في المنطقة. ضعفت قدرات العاصمة هانوي بسبب هذه المبادرة ولا شك أنها تشعر بالقلق من عجزها عن الاتكال على كمبوديا ولاوس لاتخاذ قرارات تصبّ في مصلحة أمنها القومي، وترافق تكثيف الروابط بين الصين وكمبوديا ولاوس في السنوات الأخيرة مع تداعيات بارزة على فيتنام، وأثّر الدعم الصيني مثلاً على قرارات البلدَين بعدم تقديم تأييد كامل لموقف فيتنام من مفاوضات قواعد السلوك في بحر الصين الجنوبي بقيادة رابطة أمم جنوب شرق آسيا.

فيما يخص كمبوديا، تتعدد المؤشرات المقلقة اليوم، فقد حظي رئيس الوزراء الكمبودي، هون سين، الذي حَكَم البلد طوال 35 سنة بدعم فيتنام منذ أواخر السبعينيات، حين كان جزءاً من جيش المتمردين الذي شارك في إسقاط حزب “الخمير الحمر” المدعوم من الصين. كان يحظى أيضاً بدعمٍ قوي من هانوي خلال الثمانينيات، عندما حاصرت الصين والولايات المتحدة وشركاؤهما في رابطة أمم جنوب شرق آسيا حكومته. لكن في السنوات الأخيرة، انقلبت الأوضاع وأصبح هون سين صديقاً مقرباً من الرئيس الصيني، شي جين بينغ، وتأكيداً على عمق العلاقة بينهما، أصبح هون سين أول زعيم خارجي يزور الصين في ظل تفشي فيروس كورونا، حيث أعلن أن كمبوديا والصين “صديقتان دائمتان”، كذلك، حرص هون سين على ترسيخ ولائه للصين عبر تكرار جزءٍ من تاريخ بكين المُحرَّف حول الدعم الصيني لحزب “الخمير الحمر”. هو يحذف اليوم أي كلام عن التجاوزات الصينية ويثير هذا الموقف حفيظة فيتنام حتماً، ومن الواضح أن هانوي خسرت حليفها في كمبوديا.

وفي جارة فيتنام الأخرى في الهند الصينية، لاوس، لا يبدو الوضع إيجابياً أيضاً، فقد زار وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، كمبوديا في الشهر الماضي ثم مرّ بلاوس للتكلم عن التعاون الثنائي في مجال مكافحة فيروس كورونا و”مبادرة الحزام والطريق”، وفيما يخص هذا المشروع الأخير، تدين لاوس بمبالغ ضخمة للصين. تعجز “فينتيان” بكل وضوح عن تحمّل كلفة مشاريع البنى التحتية الضخمة في إطار تلك المبادرة في لاوس، علماً أنها تشمل بناء سكة حديد عالية السرعة تمتد من مقاطعة “يونان” الصينية إلى العاصمة “فينتيان”، فضلاً عن سدود للطاقة الكهرومائية على طول نهر “ميكونغ”.

أخيراً، تشعر فيتنام بالقلق تحديداً من مشروع بناء سد الطاقة الكهرومائية المُموّل من الصين في لاوس عن طريق “مبادرة الحزام والطريق”، تمهيداً لتحويله في نهاية المطاف إلى “بطارية جنوب شرق آسيا”، حيث تمنع هذه السدود تدفق المياه إلى دلتا نهر “ميكونغ”، علماً أن هذا الوضع كان قد سبّب مشاكل في زراعة حقول الرز في مناطق إنتاج الحبوب في فيتنام، وانعكست هذه الظروف على حياة ملايين الناس وجازفت بتجويعهم وتدمير معيشتهم. كذلك، يؤدي تراجع كميات الأسماك والرواسب إلى تفاقم التحديات البيئية، وتثير السدود الصينية في كمبوديا قلق هانوي أيضاً مع أنها أقل عدداً من سدود لاوس.

لا شك أن قادة فيتنام يشعرون باضطراب شديد أمام توسّع النشاطات الصينية مع شركائهم الاستراتيجيين التقليديين، وفي مطلق الأحوال، لا تزال علاقات فيتنام مع كمبوديا ولاوس متقاربة على نحو استثنائي رغم تنامي النفوذ الصيني في المنطقة، ولكن لا أحد يستطيع إنكار نجاح الصين في التفوق على فيتنام في الهند الصينية، مما يعني أن مخاوف هانوي ستتصاعد بوتيرة مستمرة في المنطقة المجاورة لها، وقد تضطر فيتنام على الأرجح لإيجاد وسائل بديلة لإشراك كمبوديا ولاوس في جهود محاربة النفوذ الصيني في هذه المنطقة المحورية خلال السنوات المقبلة.

ترجمة: صحيفة الجريدة

شاهد أيضاً

“وستڤاليا” معاهدة أنهت الحروب الدينيّة، ولكن..

بقلم: حسن إسميك- النهار العربيالشرق اليوم– بدأتُ هذه السلسلة تحت عنوان عريض هو “هل تجاوزت …