بقلم: عامر جاسم العيداني
الشرق اليوم- إن التظاهرات التي انطلقت في تشرين عام 2019 عبر فيها جمهور كبير عن رفضهم للواقع السئ الذي يعيشه البلد في كافة النواحي، حيث الفقر والبطالة بالاضافة الى الفساد الاداري والمالي الذي مارسته الأحزاب الممسكة بالسلطة .
وكانت أهم المطالب هي استقالة حكومة عادل عبد المهدي، وتشكيل حكومة مؤقتة تعمل على إجراء انتخابات مبكرة بشروط محددة ومنها تشريع قانون انتخابي بالدوائر المتعددة وتشكيل مفوضية انتخابات مستقلة تحت إشراف أممي، ولكن بعد مرور سنة لم تتضح مدى جدية الساسة في إجراء هذه التغييرات وهم يماطلون ويستخدمون الزمن وسيلة لتشتيت الرأي العام واعادة صياغة الوضع لصالح الأحزاب المتنفذة.
الضغط الشعبي الذي طالب باستقالة وزارة عبد المهدي وعدم إعطائه فرصة لإقرار موازنة 2020 تسبب بكارثة اقتصادية للعراق، واشدت أزماته بسبب كثرة المطالبات من قبل المحتجين من الشباب بتوفير الوظائف التي تحولت الى مطالب أساسية بدل عملية التغيير الجذري والشامل وعدم الضغط على الحكومة الجديدة لتسوية الأوضاع والأزمات وتسببت في إرباك الحكومات المحلية أيضا نتيجة الضغوطات المستمرة من قبل الذين تم توظيفهم بقرارات غير مدروسة وذلك بعدم وجود التخصيصات المالية لصرف رواتبهم لفترة طويلة .
إن وضع العراق أصبح أكثر سوءا نتيجة تصرفات السياسيين في الحكومة ومجلس النواب وعدم جديتهم في تصحيحه ومماطلتهم في إيجاد حلول اقتصادية مناسبة بالاضافة الى عدم اقرار موازنة عام 2020 ، وسوف يستمر هذا الوضع الى عام 2021 لعدم إنجاز موازنته من قبل مجلس الوزراء .
واستمرار الأزمات وانتقالها الى العام القادم سوف يؤدي الى انهيار العراق سياسيا واقتصاديا واشتداد الصراع بين جمهور الرافض للوضع والحكومة ولن يكون هناك استقرارا وقد ينتقل العراق الى ساحة واسعة للتدخل الخارجي ومن ثم يوضع تحت الوصاية الدولية وهو ما تسعى إليه الولايات المتحدة الأمريكية لاحتلال البلد من جديد واعادة صياغة وضعه السياسي لصالحها من أجل إخراج إيران بشكل كامل .
قادة الكتل السياسية وأحزابها لم تعي خطورة الوضع ولم تغير من ممارساتها المتشبثة في السلطة وعدم التنازل من أجل الشعب بتغيير سياساتها والتناغم مع مطالب الرافضين لهم، فقامت بزيادة ارباك الوضع وخلق الازمات وتحريك أدواتها من خلال تجزئة المطالب وتحويلها الى مطالب فئوية وظيفية مع اشتداد الأزمة المالية نتيجة انخفاض أسعار النفط وذلك شكل ضغطا على الحكومة التي بدورها لم تحاول إيجاد الحلول الحقيقية لهذه الازمات التي أصبحت يومية وتتجدد بأشكال أخرى حتى وصلت الى زعزعة الأمن من خلال تحريك الصراع مع داعش الذي تزايدت اعماله الارهابية في الأونة الأخيرة، ومن المؤكد أن تحركه جاء بدعم من جهات داخلية وخارجية، وما سياسة الضغط التي تمارسها بعض القوى السياسية ضد الحشد الشعبي من أجل حله أو دمجه مع القوات الامنية ما هو إلا جزء من المخطط الخارجي لإضعاف العراق، ولكونه يعتبر مصدر قوة للعراق وشعبه الذي لم يرق لها لوقوفه في وجه مخططاتهم وإحباطها .
أو عدم جدية الحكومة وقادة الكتل السياسية في مجلس النواب بإيجاد الحلول لتصحيح الأوضاع الاقتصادية والأمنية اعتقد أنه مقصود من أجل تنفيذ أجندات داخلية من قبل الأحزاب التي يرفض وجودها جمهور المتظاهرين ، وتنفيذ اجندات خارجية لإبعاد العراق عن التعامل مع إيران التي تعتبرها الإدارة الأمريكية هي السبب بعدم استقرار الأمن في العراق .
استمرار التظاهرات بشكلها الحالي يصب في صالح الحكومة المركزية لكونها تستهدف الأحزاب بصفتها الحاكمة من خلال مجلس النواب الذي لم يعمل بجدية لإصدار التشريعات المناسبة لمواجهة الأوضاع السيئة التي يمر بها الوضع السياسي والاقتصادي وعدم الضغط على الحكومة لانجاز برنامجها وإجراء الإصلاحات اللازمة لإنقاذ البلد من أزماته المزمنة .
وهنا ندعو جمهور المتظاهرين الى الانتباه أن استمرارهم في ممارسة وسائل الضغط المستمرة بهذه الطريقة المفككة والمصالحية الفئوية سوف يؤدي الى خسارة العراق حريته ووقوعه بأيدي جهات داخلية تعمل مع قوى خارجية للسيطرة عليه من خلال بقاء الوضع غير مستقرا لتحقيق أجندات أمريكية وصهيونية، وعليكم توحيد صفوفكم والمطالبة بالتغيير الشامل وفق المطالب الاساسية التي خرجتم من أجلها، والضغط على الحكومة ومجلس النواب من أجل اقرار موازنة 2020 و2021 وإلا سوف يبقى الحال كما هو عليه .