الرئيسية / الرئيسية / تقرير: تلويح واشنطن بغلق سفارتها في بغداد يضع الكاظمي في موقف صعب

تقرير: تلويح واشنطن بغلق سفارتها في بغداد يضع الكاظمي في موقف صعب

الشرق اليوم- هددت واشنطن التي تتعرض قواتها ومصالحها في العراق إلى هجمات شبه يومية بإغلاق سفارتها في بغداد، الأمر الذي قد يؤدي إلى توجيه ضربة قاصمة لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي يُنظر إليه على أنّه حليف بارز لها.

ووجد العراق نفسه منذ فترة طويلة عالقا في صراع بين إيران والولايات المتحدة، الأمر الذي شكل استنزافا كبيرا لقواه، ويحاول رئيس الوزراء الحالي جاهدا التملص من هذا الوضع والنأي ببلاده عما يحصل بين الجانبين بيد أن جهوده تصطدم بميليشيات موالية لطهران بدا شغلها الشاغل إحراجه وتضييق الخيارات أمامه.

وفي تصعيد جديد، قال مسؤولون عراقيون وأجانب إن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو اتصل بالرئيس العراقي برهم صالح الأسبوع الماضي ووجه له إنذارا شديد اللهجة.

وقالت المصادر إنّ واشنطن حذرت بأنّه “إذا لم تتحرك الجهات الأمنية والقضائية في العراق ضد استهداف البعثات وقوات التحالف، فإن لديها بدائل أخرى لضمان عدم استمرار هذا الوضع”.

وصرح مسؤول عراقي لوكالة فرانس برس أنّ “واشنطن ليست منزعجة فحسب مما يحدث ضد البعثات الدبلوماسية، ولكنها منزعجة جدا جدا جدا وسيلي هذا الانزعاج إجراءات”.

ولا يزال لدى الولايات المتحدة المئات من الدبلوماسيين في المنطقة الخضراء في بغداد حيث الإجراءات الأمنية مشددة، ونحو ثلاثة آلاف جندي يتمركزون في ثلاث قواعد في جميع أنحاء البلاد.

ومنذ عام 2019، استهدفت العشرات من الصواريخ والعبوات الناسفة هذه المواقع، واتهم المسؤولون الأميركيون وعراقيون فصائل موالية لإيران، بما في ذلك كتائب حزب الله العراقية.

ردت واشنطن مرتين بضربات على الكتائب في العراق وهددت في وقت سابق من هذا العام بقصف أكثر من 120 موقعا آخر إذا أدّت الهجمات الصاروخية إلى خسائر بشرية في صفوف الأميركيين.

واستمر الإحباط حتى بعد بداية ولاية رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في مايو، ويُنظر إليه على أنّه ذو ميول غربية. وقال مسؤول عراقي رفيع المستوى لوكالة فرانس برس قبيل زيارة الكاظمي لواشنطن في أغسطس، إن الولايات المتحدة أشارت إلى أنّها “غير راضية عن تعامله مع الجماعات المسلحة الموالية لإيران”.

ورفضت الولايات المتحدة التعليق على دعوة بومبيو الأخيرة، لكن مسؤولا في وزارة الخارجية الأميركية قال إن “الجماعات المدعومة من إيران التي تطلق الصواريخ على سفارتنا تشكل خطرا ليس علينا فحسب، بل على حكومة العراق”.

لا تزال الغارة الأميركية في يناير التي أدت إلى مقتل الجنرال الإيراني البارز قاسم سليماني وأبومهدي المهندس نائب رئيس الحشد الشعبي العراقي، ماثلة في أذهان المسؤولين العراقيين والجماعات المسلحة.

ومنذ ذلك الحين، ظل بعض من قادة الفصائل شبه العسكرية الموالية لإيران صامتين خشية تعرضهم للضربات أو العقوبات الأميركية وتوارى البعض الآخر منهم عن الأنظار بشكل كامل. ويبدو أن التهديدات الأميركية الجديدة عمّقت الخلاف المتزايد بين الفصائل الموالية لإيران وتلك الأقل استعدادا للدخول في مواجهة كاملة مع الولايات المتحدة.

وبعد أشهر من الصمت، دعا رجل الدين النافذ والزعيم السياسي مقتدى الصدر عبر موقع تويتر هذا الأسبوع، إلى “تشكيل لجنة أمنية وعسكرية وبرلمانية للتحقيق” في الهجمات الصاروخية. وفي غضون دقائق، أعلن الكاظمي وشخصيات حكومية بارزة أخرى ترحيبهم بهذه الدعوة.

لكن حركة عصائب أهل الحق أعلنت الأحد رفضها لتشكيل اللجنة، وهذا أمر متوقع ذلك أنها في مقدمة المتورطين في الهجمات على القواعد الأميركية والبعثات الدبلوماسية، وتعد من أشد الموالين لإيران.

وقال الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي في بيان “لا يوجد في العراق موضوع اسمه استهداف الهيئات الدبلوماسية والثقافية”. وأضاف “إنما الموجود استهداف سفارة الولايات المتحدة الأميركية، وهذا له أسبابه المعروفة، أما باقي الهيئات الدبلوماسية تمارس عملها بشكل طبيعي دون أن يعتدي عليها أحد”.

وتابع “هذه السفارة تابعة لدولة تحتل العراق، بعد أن رفضت الإدارة الأميركية تطبيق قرار الشعب مجلس النواب والحكومة العراقية بسحب القوات (صادر قبل أشهر)”.

وتابع الخزعلي “نعتبر تشكيل لجان للتحقيق في الجهات التي تستهدف سفارة الاحتلال الأميركي لا يخدم المصلحة الوطنية ولا يعجل في خروج قوات الاحتلال”. ويرى مسؤول عراقي أن “هناك إجماعا على إدانة الهجمات في العراق. والمتشددون معزولون وتركوا بلا غطاء سياسي”.

وحتى قيادات الحشد الشعبي انتقدوا الهجمات الصاروخية، في محاولة لتجنب ردود فعل الولايات المتحدة، وقالوا إنّه “ليس مسؤولا عن جهات تستخدم اسمه لأغراض التشويه (…) والقيام بعمليات مشبوهة ونشاط عسكري غير قانوني يستهدف مصالح أجنبية أو مدنية وطنية لا تنسجم وثوابت الدولة”.

وجرى رسميا إبعاد اثنين من القادة الذين يُنظر إليهم على أنهم يميلون إلى طهران. لكن المتشددين منظّمون بدورهم. وقد أعلنت ست مجموعات لم يسمع بها من قبل مسؤوليتها عن الهجمات الصاروخية على مصالح أميركية، بل وهددت الأمم المتحدة في الأشهر الأخيرة.

ويقول مسؤولون استخباراتيون عراقيون ومصادر سياسية إن إيران كانت تجمع الأفراد الأكثر تشددا بين حلفائها العراقيين في هذه التشكيلات الجديدة. وترى هذه الجماعات المعاد تشكيلها أن الكاظمي هو رجل واشنطن في بغداد وهي غاضبة من وعوده التي تهدف إلى كبح جماحها.

وقال مسؤول في أحد الأحزاب الشيعية النافذة “إنهم يرسلون رسالة من إيران إلى الولايات المتحدة: التطورات السياسية الأخيرة لم تغيّر شيئا، لا يزال بإمكاننا ضربك بشدة، ولا يمكن لأي زعيم تنفيذ أجندتك في العراق”. وقد يترك هذا رئيس الوزراء في موقف حرج.

وأوضح دبلوماسي غربي في بغداد لوكالة فرانس برس أن انسحاب الولايات المتحدة قد يمنح منافسيه فوزا دعائيا غير مقصود. وأضاف “إذا تابعت واشنطن وسحبت عناصرها، فستكون هذه الجماعات قادرة على التباهي بأنها طردت الأميركيين من العراق بتكلفة زهيدة”.

وصوّت البرلمان العراقي في يناير على طرد القوات الأجنبية المتمركزة للمساعدة في محاربة الإرهاب، لكن الكاظمي حاول التباطؤ في تنفيذ هذا القرار.

كما شرع في حملة لمكافحة الفساد، وأطلق حوارا استراتيجيا مع واشنطن وسعى إلى تسريع الصفقات مع الشركات الأميركية التي من شأنها تقليل اعتماد العراق على واردات الطاقة الإيرانية.

وقال دبلوماسيون غربيون ومحللون إن سقوطه قد يكون كابوسا لاستقرار العراق. وأوضح علي معموري، المحلل والمحرر في صحيفة نبض العراق “إذا أغلقت الولايات المتحدة سفارتها بالفعل، فستترك الكاظمي في موقف ضعيف وخطير للغاية، مما يفتح الباب أمام الميليشيات للتوسع وربما تتخذ إجراءات متطرفة ضد الدولة”.

شاهد أيضاً

السوداني يفتتح أعمال مؤتمر العمل العربي بدورته الخمسين

الشرق اليوم- افتتح رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، صباح اليوم السبت، أعمال مؤتمر …