الرئيسية / الرئيسية / مترجم: الانتخابات الأمريكية البشعة

مترجم: الانتخابات الأمريكية البشعة

BY: The Economist

التنازع على نتيجة الانتخابات في نوفمبر يمكن أن يكون خطيراً

الشرق اليوم- يمثل يوم عيد العمال نهاية الحملات الانتخابية الرئاسية، ويبدو في هذا العام أنه سيكون قبيحاً. حيث يشتبك أنصار الرئيس مع متظاهري حملة “حياة السود مهمة” في بورتلاند بولاية أوريغون. كما سافر دونالد ترامب إلى مدينة كينوشا في ولاية ويسكونسن لالتقاط الصور الفوتوغرافية أمام المباني المحترقة بعد أسبوع من إطلاق الشرطة النار على رجل أمريكي أعزل من أصل أفريقي وتسببت في إصابته بالشلل. بينما أطلق أحد مؤيدي الرئيس النار على اثنين من المتظاهرين مُردياً إياهما قتيلين، في ما يمكن أن يكون دفاعاً عن النفس. وبعد أن تبنى الرئيس استراتيجية تقوم على الاستفادة من المخاوف تجاه الاضطرابات، بات لديه مصلحة في تأجيجها. ويشعر الكثير من المواطنين الأمريكيين بالقلق من أن شهر نوفمبر قد لا يأتي بممارسة سلسة للعملية الديمقراطية، بل بخلافات عنيفة وأزمة دستورية.

لكن هل هذه كلها مبالغات؟ سبق أن أجرت الولايات المتحدة انتخابات عنيفة ومُتنازع عليها في الماضي. ففي عام 1968 اغتيل بوبي كينيدي، الذي كان أحد المرشحين. وفي عام 1912، أصيب تيدي روزفلت برصاصة في صدره أثناء إلقائه خطاباً في ويسكونسن (وأنهى الخطاب قبل أن يتوجه إلى المستشفى ونجا من الإصابة). ولا يزال المؤرخون يُجادلون حول من فاز بالفعل في انتخابات عام 1876. ومع ذلك، لطالما نجحت البلاد في الحصول على موافقة الخاسرين في انتخاباتها الرئاسية، حتى في خضم الحرب الأهلية. ويشير هذا الخط الطويل المتواصل إلى أنه ينبغي على المتشائمين عدم تهويل الأمور. ومع ذلك، ثمة خطر حقيقي من أنها يمكن أن تسوء في نوفمبر.

من أجل ضمان التسليم السلمي للسلطة، تحتاج الأنظمة الديمقراطية اعتراف المرشحين الخاسرين ومعظم أتباعهم بالهزيمة. ومن شأن تحقيق نتيجة واضحة في يوم الاقتراع أن يُساعد كثيراً في ذلك: ربما يكره الخاسرون الهزيمة، لكنهم يقبلون الأمر ويبدؤون الاستعداد للانتخابات التالية. أما عندما لا تكون النتيجة واضحة، فيستلزم ذلك وجود نظام احتياطي. فرغم أن نتائج الانتخابات المُتنازع عليها نادرة في الديمقراطيات الغربية الناضجة، إلا أنها ممكنة الحدوث. ففي عام 2006، خسر سيلفيو برلسكوني الانتخابات في إيطاليا بفارق ضئيل، وادّعى  – دون دليل – أنه كان هناك تزوير واسع النطاق، لكن المحكمة العليا في البلاد حكمت لصالح خصمه، واستسلم السيد برلسكوني على مضض. وفي عام 2000، جرت تسوية الانتخابات الرئاسية الأمريكية في المحكمة العليا بعد إعادة فرز الأصوات المتنازع عليها في ولاية فلوريدا. وفي كلتا الحالتين، كانت الأحكام الصادرة عن القضاة كافية تقريباً لإنهاء الخلاف والسماح للبلاد بالمضي قدماً.

في حال حقق ترامب أو جو بايدن فوزاً ساحقاً، فسوف يشعر نحو نصف الأمريكيين بالبؤس. إذ يرى معظم الديمقراطيين أن ترامب يمثّل تهديداً للديمقراطية نفسها، وإذا فاز مرة أخرى فسوف يُصاب الملايين منهم بالذهول. وعلى الجانب الآخر، لا يزال ترامب يتمتع بنسبة تأييد بين الجمهوريين تبلغ 87%، وإذا خسر فسوف يشتكي الكثيرون من أن الطرف الآخر مارس الغش. لكن هذا لن يوقف الانتقال السلس للسلطة إذا كان هامش الفوز كبيراً بما يكفي. وإذا خسر ترامب بفارق ثماني نقاط كما تشير استطلاعات الرأي حالياً، فلن يكون من الممكن الطعن في النتيجة بشكل معقول، لكنه يمكن أن يحاول ذلك على أي حال، ما قد يؤدي إلى إثارة المزيد من الاضطرابات.

أما إذا كانت نتيجة الانتخابات متقاربة، فيمكن أن تصبح الأمور أكثر بشاعة. إذ إن أمريكا تمنح درجة غير عادية من السلطة لأنصار الحزبين الجمهوري والديمقراطي في إدارة الانتخابات. حيث يتولى أشخاص يحملون صفة “ديمقراطي” أو “جمهوري” اتخاذ القرارات حول من يجري شطبه من قوائم الناخبين المؤهلين عند تحديثها، وتصميم أوراق الاقتراع، ومكان وجود مراكز الاقتراع، وما إذا كان التصويت المبكر مسموحاً به، وعدد الأشخاص الذين يتعين عليهم الشهادة على التصويت عن طريق البريد، بينما تكون هذه الأمور في الديمقراطيات الناضجة الأخرى في أيدي لجانٍ غير حزبية. وفي حال كانت نتيجة الانتخابات متقاربة، فيتم اللجوء إلى القضاء بشأن كل هذه الأمور، وينتهي بها الأمر في محاكم يرأسها قضاة عيّنهم أيضاً رؤساء وحكّام ولايات جمهوريين أو ديمقراطيين.

وإذا لم يكن هذا مقلقاً بما فيه الكفاية، فإن جائحة “كوفيد 19” يمكن أن تزيد المعركة القانونية. فقد رفعت الحملتان أكثر من 200 دعوى قضائية متعلقة بفيروس كورونا. حيث تشير الأدلة من الانتخابات التمهيدية إلى أنه رغم أن بعض الولايات -مثل ويسكونسن -أجرت انتخابات منظمة نسبياً على الرغم من تفشي الفيروس، فإن ولايات أخرى لم تفعل ذلك. وكان فرز الأصوات البريدية لا يزال جارياً بعد أسابيع من يوم الانتخابات التمهيدية في نيويورك. وفي شهر نوفمبر، سوف تجرّب بعض الولايات المتأرجحة -بما في ذلك ميتشيغان- التصويت عبر البريد على نطاق واسع لأول مرة.

وفي حال كانت نتيجة الانتخابات متقاربة وكان هناك تأخير في عدّ الأصوات ليلة الانتخابات، فقد يبدو أن ترامب فاز في بعض الولايات الرئيسية. وربما يدعي بعد ذلك انتصاره قبل صدور النتائج النهائية مثلما فعل في الانتخابات النصفية لولاية فلوريدا عام 2018. ومع احتساب المزيد من الأصوات البريدية، يمكن أن تتحول النتيجة بعد ذلك لصالح بايدن. عندها، سيكون لدى أمريكا مرشحان يدعيان الفوز، وربما سيتعين النظر في القضايا الانتخابية في المحاكم في العديد من الولايات. ومن المؤكد أنه سوف تندلع الاحتجاجات، وأن بعضها سيكون مسلحاً. وقد يستدعي الرئيس الحرس الوطني -مثلما هدّد في الصيف- أو يرسل عملاء فيدراليين إلى المدن الديمقراطية لضبط الحشود المضطربة مثلما حدث في بورتلاند. وعند قطع هذا الشوط، سوف يكون من السهل أن ننسى كلياً كيف كانت الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها عام 2000 مؤلمة. إذ حدث ذلك النزاع في وقت كانت فيه الثقة بالنفس لدى الأمريكيين في حدودها القصوى: قبل 11 سبتمبر، قبل صعود الصين، قبل خوض حرب الانتخابات على وسائل التواصل الاجتماعي، وعندما كان الخيار بين رجلين يعتبران وسطيين بحسب معايير اليوم.

تخّيل الآن شيئاً مثل إعادة فرز أصوات فلوريدا يحدث في ولايات عديدة، وبعد أن أدت الجائحة إلى مقتل 200 ألف مواطن أمريكي، وفي وقتٍ ينظر فيه عدد كبي من الناخبين إلى الرئيس على أنه غير شرعي وبغيض، وبينما على الجانب الآخر يوجد الملايين من المقتنعين -بغض النظر عن الأدلة- بأن مرشحهم كان سيحقق فوزاً جلياً لولا وجود تزوير انتخابي على نطاق واسع!

وإذا خسر ترامب التصويت الشعبي لكنه فاز في المجمع الانتخابي كما حدث في عام 2016، فإن نحو 40 في المئة من الديمقراطيين يقولون إنه يجب إعادة الانتخابات. لكنه لا يجب فعل ذلك حقاً. وإذا خسر الرئاسة، فإن ما يقرب من 30 في المئة من الجمهوريين يعتقدون أنه سيكون من المناسب لترامب أن يرفض ترك منصبه إذا كانت هناك مزاعم بتصويت غير قانوني على نطاق واسع، وهي مزاعم أدلى بها بالفعل فيما يتعلق بالتصويت عبر البريد. لكن ذلك لن يكون مناسباً حقاً.

ثمة الكثير من الأمور على المحك في هذه الانتخابات -بالنسبة لأمريكا وبقية العالم- لدرجة أنه يجب على مسؤولي الولايات أن يبذلوا كل ما في وسعهم للحرص على سيرها بسلاسة قدر الإمكان، وأن يتذكروا أنهم مدينون بالولاء للدستور، وليس لحزبهم. وحتى الفوز الساحق في الانتخابات سيكون محفوفاً بالمخاطر. وفي حال الخسارة بفارق ضئيل، ربما لا تحصل أمريكا على قبول الطرف الخاسر بالنتيجة. ومن دون ذلك، تكون الديمقراطيات في ورطة كبيرة.

شاهد أيضاً

الخارجية الأمريكية تؤكد أن معبر رفح مسؤولية إسرائيل

الشرق اليوم- أفادت وزارة الخارجية الأمريكية، أن معبر رفح بات من مسؤولية إسرائيل، وأشار إلى …