الرئيسية / الرئيسية / تقرير: جهات تدفع العراق لموقف متشدد ضد تركيا

تقرير: جهات تدفع العراق لموقف متشدد ضد تركيا

الشرق اليوم- أكد خبراء أمنيون، اليوم الأحد، أن القوات التركية تحقق تقدما في عملياتها ضد حزب العمال الكوردستاني، مشيرين إلى وجود محاولات من قبل أطراف عربية أجنبية، لدفع بغداد لاتخاذ موقف “أكثر تشددا” تجاه أنقرة بشأن حادثة مقتل الضابطين، فيما بينوا أن الكاظمي يسعى لصيغة حوار رباعي بين حكومتي بغداد وأربيل والعمال وتركيا، يجنب فيه تحول اراضي البلاد إلى ساحة لتصفية الحسابات.

وقال الخبير بالشأن الأمني الكوردي في محافظة دهوك، عباس برواري، إن “الأتراك يحققون تقدما، وإن كان غير سريع، وهو ما جعلهم يواصلون الهجوم لإنهاك الحزب أكثر”. ولفت الخبير بالشأن الكردي إلى أن “العملية الحالية مختلفة تماماً عن أي من سابقاتها من ناحية عسكرية على الأقل، فمن المرجح أنها سترسم خارطة جديدة لتواجد حزب العمال الكردستاني، تجعل أنقرة من خلالها هذا الحزب يشكل مشكلة عراقية أكثر من كونها تركية، بمعنى أنها ستدفعه إلى داخل المناطق العراقية أكثر بعيدا عن حدودها لتبقي ملفه والتعامل معه، باعتبارها مشكلة الدولة العراقية، وهو ما يجب أن تعيه بغداد”.

وأكد برواري أن “مهمة أربيل الآن هي أن تمنع تمدد الحزب داخل الإقليم، لكن يبدو أنها غير ضامنة لذلك، كون مجريات الاشتباكات والقصف تفرضان واقعاً مغايراً”. وأشار في هذا الصدد إلى أنه “تمّ قبل أيام رصد تواجد للحزب في مناطق داخل بلدة سيدكان لم يكن متواجدا فيها من قبل، وهذا دليل على أنه يخسر مناطق، فيضطر للانكفاء إلى مناطق جديدة، ما يجعل السكان يدفعون الثمن بالمحصلة”.

من جهته، أكد مسؤول في قوات اللواء 80 في البشمركة، المنتشر على تخوم منطقة حفتانين شمال أربيل، أن العملية التركية منحت أنقرة سيطرة أكبر داخل الأراضي العراقية، ما جعلها تتمكن حاليا من استهداف أي مكان يتواجد به مسلحو الحزب بالمدفعية، خصوصا بعد سيطرة الجيش التركي على قمة جبل شاقولي، ما سهل له الإشراف على مناطق تصل إلى عمق 30 كيلومترا من المناطق الحدودية.

تواصل غير معلن

الحدث الذي فاجأ بغداد كثيرا ودفعها إلى استدعاء السفير التركي لديها فاتح يلدز، كما تسبب في قرار إلغاء زيارة وزير الدفاع التركي خلوصي آكار، كان القصف التركي يوم الثلاثاء الماضي الذي أودى بحياة ضابطين عراقيين من قوات حرس الحدود، والذي تبين في ما بعد أنه استهدف اجتماعا كان يجري بين عكيد جرزان، القيادي في الكوردستاني، وضباط حرس الحدود العراقي بهدف الاتفاق على نشر وحدات من الحرس بشكل متاخم لمناطق نشاط “حزب العمال الكردستاني” في منطقة سيدكان، من دون أي احتكاك بين الجانبين.

وعلى الرغم من ذلك، لم تتراجع أنقرة عن تأكيد أهمية عملياتها، وهي ترى أن على بغداد منع استخدام الحزب أراضيها لتنفيذ اعتداءات تستهدف تركيا من خلالها، مشيرة إلى أن عملياتها الحالية في عمق الأراضي العراقية تقع في إطار “مبدأ الدفاع عن النفس”.

وذكرت وزارة الخارجية التركية، عقب مقتل الضابطين العراقيين على الحدود، أن “أنقرة ستتخذ التدابير اللازمة لحماية أمن حدودها، في حال واصل العراق تجاهل وجود عناصر حزب العمال الكوردستاني على أراضيه”، موضحة في بيان أن “إرهابيي حزب العمال يستهدفون تركيا من خلال المواقع التي يتمركزون فيها داخل الأراضي العراقية منذ سنوات طويلة، وأن هذه المنظمة تتحدى في الوقت ذاته سيادة العراق ووحدة أراضيه واستقراره”.

وأكد مسؤول عراقي بارز في بغداد، وجود تواصل بين حكومة بلاده والجانب التركي بشكل غير معلن حيال العمليات القائمة، وأيضاً بشأن القصف الأخير، لافتا إلى أن العراق لا يريد الدخول في مواجهة أو أزمة مع تركيا لوجود ملفات حرجة ومهمة، أبرزها مياه دجلة والفرات وقضية ملء سد أليسو، وموضوع تصدير النفط العراقي عبر ميناء جيهان التركي، فضلا عن مشروع حديث لاستيراد الكهرباء من تركيا. ولفت أيضا إلى “وجود تفهم عراقي لموقف تركيا في مسألة مواجهتها لحزب العمال”.

وأكد المصدر أن الجانب التركي يتواصل حاليا بشأن مقتل الضابطين العراقيين ويتعامل مع الحادث على أنه حصل بسبب سوء التنسيق وعدم إبلاغ العراق لتركيا بوجود عناصر أمن نظاميين في منطقة ساخنة جرى التعامل معها مسبقا، إلا أنها تقع “خارج سلطة الدولة العراقية”، متحدثا عن محاولات تحشيد ودفع من أطراف عدة، بينها عربية وأخرى أجنبية، أبرزها الإمارات ومصر وفرنسا للعراق، من أجل اتخاذ موقف أكثر تشددا تجاه أنقرة بعد الحادثة، لكن المصلحة الحالية لا تقتضي ذلك.

ونوه المسؤول إلى “تعاون السفير التركي في بغداد مع الخارجية العراقية في ملف العملية العسكرية شمال البلاد”.

وكانت باريس طلبت يوم الخميس الماضي “توضيح” ملابسات الهجوم الجوي التركي الذي أودى بحياة الضابطين العراقيين، فيما نددت الخارجية الفرنسية “بهذا التطور الخطير الذي يجب توضيحه بشكل كامل”.

من جهته، رد السفير التركي في العراق فاتح يلدز، متوجها للفرنسيين بقوله “لا خبز لكم في هذا المكان”، مضيفا عبر “تويتر” أن “كلامي هذا إلى كافة الجهات، وفي مقدمتهم الإقليمية والدولية، التي تنتظر الفرصة بفارغ الصبر لتفريق الشعبين التركي والعراقي: سيستمر هذان الشعبان اللذان سبق أن وقفا جنبا إلى جنب في الأوقات الصعبة، في أن يكونا معا، على الرغم من كل الجهود التي تبذلونها”.

من جهته، أعلن عضو تحالف “الفتح”، النائب عامر الفايز، أن “البرلمان سيفتح ملف التجاوزات التركية التي باتت تهدد جميع العراقيين”، معتبرا أن “تركيا تمادت في التجاوز على السيادة العراقية بسبب ضعف القرار الحكومي في بغداد، كما أن هناك جهات سياسية تتعامل مع تركيا وفقا لمصالحها، وتسعى إلى تلميع صورة أنقرة وعدم تحويل قضية مقتل الضابطين العراقيين إلى أزمة”.

وحمل الفايز أيضا حكومة إقليم كوردستان المسؤولية عن التحديات الأمنية التي تواجه أراضيها، متحدثا عن “صمت مريب وغير مفهوم من قبل المسؤولين الكورد بشأن الاعتداءات الكثيرة التي وقعت”، وموضحا أن “السيادة العراقية هي مسؤولية تقع على عاتق الجميع، ولا بد من تضافر الجهود الوطنية من أجل منع سقوط المزيد من الضحايا العراقيين”.

وأعرب عن “الخشية من أن تكون هذه العمليات باتفاق مع بغداد وأربيل، وإذا كان ذلك، فيعني أن الحكومات غير مهتمة بدماء المواطنين”.

وفي إطار تبادل تحميل المسؤولية، قال عماد باجلان، وهو عضو الحزب الديمقراطي الكوردستاني، إن “بغداد تتحمل مسؤولية ما يجري من عمليات عسكرية وتهجير وتشريد للأسر الكردية العراقية، كونها العاصمة الحامية للقانون والدستور ومصدر القرارات الأمنية”. ورأى باجلان، أن “هناك جهات سياسية وأخرى مسلحة عراقية تدفع باتجاه المواجهة العسكرية مع تركيا، وتأزيم الأوضاع لغايات سياسية، ولذلك نحن نجد أن الحل الأفضل هو اللجوء إلى طاولة الحوار من أجل التوصل إلى مفاوضات مرضية لجميع الأطراف وعدم الاستمرار باستخدام لغة السلاح”.

كما رأى المحلل العراقي أحمد الشريفي، أن “العراق غير جاهز للرد على تركيا عسكريا، لأن ذلك يعني المخاطرة، كما أن البلاد لم تعد تحتمل أي نوع من المواجهات المسلحة، وهناك تأكيدات كثيرة على أن بغداد على علم ودراية بكل ما يحدث شمال العراق”، موضحا أن “حكومة مصطفى الكاظمي قد تتمكن من خلال أجهزتها الاستخبارية، خصوصا أن جهاز المخابرات لا يزال بإدارته، من التأسيس لصيغة حوار رباعي بين حكومتي بغداد وأربيل وحزب العمال الكوردستاني والحكومة التركية، ما يجنب العراق استمرار تحول أراضيه إلى ساحة لتصفية الحسابات”.

المصدر: العربي الجديد

شاهد أيضاً

من هم المسيحيّون؟ رحلة عبر الطّوائف والانقسامات

بقلم: حسن إسميك- النهار العربيالشرق اليوم– “المسيحي”، بأسط التعريفات، هو أي شخص يؤمن بأن يسوع …