الرئيسية / الرئيسية / كتاب “محو العراق” ومنهجية مفاسد المحاصصة!

كتاب “محو العراق” ومنهجية مفاسد المحاصصة!

بقلم: مازن صاحب

الشرق اليوم- ما زال الكثير من وعاظ مفاسد المحاصصة يدافع عن (حقوق المكونات) حتى وإن كانت النتيجة تدمير المجتمع العراقي بالكامل.. هكذا يستخدم مايكل أوترمان وريتشارد هيل وبول ويلسون في كتابهم (محو العراق: خطة متكاملة لاقتلاع عراق وزرع آخر) مصطلح” إبادة المجتمع” الذي استخدمه لأول مرة كيت داوت في كتابه (فهم الشر: دروس من البوسنة) والذي ينطبق على عراق ما بعد عام 2003.

لذلك يطرح السؤال عن الادوار التي انيطت بأمراء حروب الطوائف لإنجاز هذا السيناريو الذي تم وضعه في مراكز الابحاث الاسرائيلية بعد دراسة لطبيعة المجتمعات التي يراد تمزيقها وتفتيت الدولة التي تعيش فيها مجاميع بشريه مختلفة منذ قرون من خلال تفجير الكراهية وأطلقت في برامج عمل متعددة من بينها اتفاق لندن بين احزاب المعارضة العراقية قبل 2003 والمتصدية اليوم للسلطة طيلة 17 عاما مضت!!

كيف يعمل سيناريو محو العراق؟

يقول المؤلفون (لا يتم تدمير البيوت فحسب بل هيبة المنزل.. لا يتم قتل النساء والاطفال فحسب بل المدينة ايضا بطقوسها ومناهج حياتها، لا تتم مهاجمة مجموعة من الناس فحسب، بل تاريخها وذاكرتها الجماعية، لا يتم هدم النظام الاجتماعي فحسب، بل ايضا المجتمع نفسه، يسمى العنف في الحالة الاولى إبادة المنزل، وفي الثانية ابادة المدينة، وفي الثالثة الإبادة الجماعية، إلا أن من الضروري ادخال تعبير جديد محدث على الحالة الرابعة وهو ابادة المجتمع في عراق ما بعد 2003: حيث تم هدم كل قيم التضامن وعلاقات الجوار والأحياء السكنية والمذاهب وبناء نظام الحواجز المادية والنفسية والدينية، وسيطرة الارتيابية والخوف من الاخر، والاخطر انقلاب المقاييس بحيث يصبح الشاطر ذكيا، والنبيل العفيف غبيا لأنه لا يشارك في الوليمة العامة والنهب ويصبح اللص سوياً، والشريف منحرفاً.. وغيرها من التناقضات التي تقلب منظومه القيم الأخلاقية والسياسية السوية لصالخ نقيضها.

كيف تحقق مفاسد المحاصصة كل مفردات المشروع الاسرائيلي في العراق؟

يجيب الكتاب على ذلك بان عمليه تمزيق الكيان العراقي تقوم على تعظيم (مشاعر الاغتراب واليأس والكأبة والقلق والمشاعر السلبية كظاهرة سائدة بين الناس الذين تنقلب أسس حياتهم بصورة عاصفة، ويشعر الناس الذين يعرفون بعضهم قبل سنوات انهم في الحقيقة غرباء عن بعض، ليس لأن هؤلاء خدعوا بعضهم كما يلوح في السطح، بل لان نظرة الجميع للحياة تغيرت، تماما والاسس الاجتماعية والثقافية والصحية والأخلاقية، وروابط اللغة والتاريخ والقرابة والصداقة قد حرثت، بل قلبت تماما، ولم يعد للناس ما يحكمون به على بعضهم بل على انفسهم الا بالحقد والخوف والنقص والكراهية، وهي أعراض تدمير البنية العضوية للمجتمع وروابطه، وزعزعة الاساس الداخلي للإنسان، وتحويله الى جيفة متنقلة، أو الى مخلوق ساخط يعوي على قمر بعيد، ويتعرى سلوكاً ولغةً في الساحات والمنابر العامة بوهم أنه تحرر من كل القيود السابقة).

ولكي أكون محاميا عن شيطان مفاسد المحاصصة اطرح السؤال المقابل.. هل يعلم من وقع اتفاق لندن أن هذا ما سيكون مصير عراق الديمقراطية الأمريكية؟

الجواب عندي ربما كانت غفلة الفرح والسعادة لإسقاط نظام صدام ثمنا مقبولا بتصفيق حار لدخول الدبابات الأمريكية الى العراق تحمل إرثا جديدا لإعادة صياغة الحكم وفق أجندات الأحزاب المتصدية للسلطة اليوم.. لكن!

بعد كل هذه الآثام الدنيوية وما يمكن أن يتوالد عنها من آثام وخطايا الفشل ألا من عاقل وحصيف يقول كفى وعلى الجميع إعادة صياغة العملية السياسية برمتها لإنقاذ العراق من أفعال محو المجتمع وتدمير الدولة؟

أيضا الإجابة على هذا السؤال الكبير تتطلب الخروج من نفق الازدواجيات الحزبية التي تدعو نهارا جهارا للإصلاح فيما واقع الحال وأتمنى أن أكون مخطئا.. تفرح بهذا الإنجاز لتدمير الدولة العراقية وديمومة حالة اللادولة وإبقاء القوى المجتمعية تتصارع بالوكالة كما يجري اليوم من معارك عشائرية.. وتبادل الاتهامات بالعمالة مرة للأمريكان وأخرى لإيران وثالثة للسعودية ورابعة لتركيا.. إلخ، من دون ظهور هوية وطنية عراقية جامعة شاملة تساوي بين المنفعة الشخصية للمواطن الناخب وبين المنفعة العامة للدولة… هكذا هدرت دماؤنا بمسميات شتى من اجندة محو العراق المجتمع والدولة.. وجميع احزاب مفاسد المحاصصة ترقص على حبال المشروع الاسرائيلي لتنفيذ مخطط معروف ومعلن.. في حين تبقى النخب والكفاءات الأكاديمية والمثقفة العراقية تبحث عن حلول مستقبلية وسط هذا الركام المتزايد لعل وعسى تجد ما تسند به بقايا هيكل مجتمع متداعي.. ولله في خلقه شؤون!

شاهد أيضاً

عن الاحتجاجات الطلابيّة في الغرب وعن حدودها

بقلم: حازم صاغية – صحيفة الشرق الأوسط الشرق اليوم- ينتظر كثيرون من خصوم الاحتجاجات الطلاّبيّة …