الرئيسية / أخبار العراق / “منتدى العراق الجديد” يناقش إدارة الدولة العراقية ومعايير الازدهار والفقر

“منتدى العراق الجديد” يناقش إدارة الدولة العراقية ومعايير الازدهار والفقر

الشابندر: إضاءات مطلوبة لإصلاح العملية السياسية برمتها وإنقاذ العراق.

صفاء الشيخ: الخروج  من (دوامة التردي؟) يتطلب توفر قوة الإرادة السياسية.

الشبوط: لابد  من معالجة مركب الخلل  الحضاري  وهذا يبدأ في برنامج التعليم. 

الشرق اليوم- نعى منتدى العراق الجديد الشهيد هاشم الهاشمي، خلال عقده ندوة حوارية يوم الاثنين بعنوان (هبوط وصعود الأمم: معايير السلطة والازدهار والفقر ومقاربة التجربة العراقية)، حيث تفاجئ المجتمعون في أعمال الندوة بخبر  استشهاده، وكان الشهيد  أحد أعضاء هذا المنتدى وأدان أعضاء  المنتدى  هذه الجريمة الغادرة بأشد العبارات .

وكان “منتدى العراق الجديد” قد استضاف في كروبه على “واتساب” كلاً من الأستاذ صفاء الشيخ، نائب مستشار  الامن الوطني، والأستاذ محمد الشبوط، المفكر  والصحفي المعروف، في ندوة حوارية لمقاربة معايير  بناء الدولة في ثنائية  الازدهار والفقر. 

 الشابندر يرحب  ..

في بداية الندوة، رحب السياسي العراقي المستقل، السيد عزت الشابندر، المشرف العام على “منتدى العراق الجديد” بالضيوف والمشاركين في الندوة برسالة كان نصها: “الأصدقاء الأعزاء أعضاء كروب منتدى العراق الجديد… السلام عليكم ورحمة الله وبركاته… يسعدني اليوم الترحيب بالجميع في هذه المنصة النخبوية للكفاءات الأكاديمية والمثقفة العراقية المرموقة لمناقشة قضايا المستقبل بواقع اليوم بعد أن تعلمنا من الأمس.. موضوع اليوم يطرح معايير دولية معروفة للخروج من فكرة سقوط الأمم من خلال إدارة السلطة وما يمكن أن ينتج عن هذه الإدارة من ازدهار أو فقر.. ومقاربة التجربة العراقية خلال 17 عاما مضت تبدو مدخلا مطلوب الخوض فيه من دون مخاوف في جلد الذات وأيضا بما يحدد المخرجات المفترض أن تحدد على الأقل الإطار العام للتصحيح المنشود ومثل هذه المناقشات المتواصلة على هذا الكروب النخبوي.. يمكن أن تحقق إضاءات مطلوبة لإصلاح العملية السياسية برمتها لإنقاذ العراق من فوضى غير خلاقة.. أشكر السادة المحاضرين والشكر موصولا للأعزاء في إدارة الندوة.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.

أدار الحوار الصحفي العراقي، مازن صاحب، الذي أشار إلى أهمية  تطبيق بعض المقاربات للمعايير الدولية في  تقييم أداء الدولة، من خلال مضامين عراقية، ولعل معياري  الازدهار والفقر نموذجا مقبولا لتحديد آفاق  المستقبل العراقي  ما بين معضلات  مفاسد المحاصصة وبين امنيات بناء دولة حضارية حديثة،  وقدم الأستاذ  صفاء  الشيخ، نائب  مستشار  الأمن الوطني  لتقديم ورقته بعنوان (إدارة الدولة العراقية ومعايير الازدهار والفقر: هل العراق دولة فاشلة.. شروط النهوض المفترضة) وتناولت الورقة المحاور التالية :

هل العراق دولة فاشلة؟

يتفق غالبية المهتمون ان العراق في وضع حرج وهش سياسيا واقتصاديا وامنيا. وحسب قائمة صندوق السلام العالمي لهشاشة الدول فالعراق ضمن الدول المنذرة بالفشل. وبدون  الخوض في تفاصيل المعايير والمؤشرات، نقول ان استقرار الدول يقيم بقوة او هشاشة القطاعات الرئيسية الثلاث فيها وهي :  اولا، القطاع الامني.  وثانيا، القطاع  الاقتصادي.  وثالثا،  القطاع السياسي.

إذا تأملنا هذه القطاعات الثلاث في العراق، فسنلاحظ العديد من التحديات التي يواجهها كل قطاع. لكن الأخطر هو وجود تحديات تواجه قطاع واحد، لكن تداعياتها تهدد وتضعف القطاع الاخر.  سنتطرق في ادناه الى عدد من هذه التحديات:

تحديات القطاع الأمني.

 بعض الفصائل الجهادية  لها رؤى سياسية تختلف عن رؤى الحكومة ورؤى قوى سياسية اخرى، وتمارس العنف بما يضعف الحكومة ويقلل ثقة الشعب وثقة المجتمع الدولي بها.

جماعات مسلحة نفعية تتغطى بعباءة الحشد او القوى السياسية، وتمارس العنف لأهداف نفعية، وتنشأ شبكات تخادم بينها وبين مؤسسات الدولة ، فيكثر الفساد ، وتقل ثقة الناس بالمؤسسات، بما يضرر  الاقتصاد ، فيحجم المستثمرون عن الاستثمار ، ويهرب را س المال الى الخارج.

داعش ومحاولات تمددها الى القرى في بعض المناطق، تنذر بخطر على الاقتصاد المحلي والبنى التحتية.

وضع البيشمركة كجيش وليس قوة امن داخلي مما يجعل في العراق جيشين تحت قيادتين مختلفة مشكلة تهديدا مستقبليا في الصدام، فضلا عن استنزاف الموارد.

الاعتداءات الخارجية التركية والى حد اقل الايرانية تفاقم في ضعف ثقة الشعب بالحكومة.

الضعف والفساد في منظومة حكم القانون، تضعف ثقة الشعب بالحكومة والقضاء والدولة عموما،  وتفاقم من الفساد والياس.

تحديات القطاع الاقتصادي.

ممارسات العديد من السياسيين في المحسوبية والمنسوبية، والتهاون في مكافحة الفساد، واشتراك عدد منهم فيه ، تسببت في شعور عام بالظلم وعدم العدالة بتوزيع الفرص والموارد، ووسعت الهوة بين الناس وبين الطبقة السياسية.

  عدم وجود سياسات اقتصادية، والقرارات الاقتصادية الشعبوية الخاطئة، أدت الى اقتصاد ريعي تعتمد فيه الدولة باكثر من 90% من مدخولاتها على النفط،  والى  تضخم غير مسبوق بالبطالة المقنعة  العالة على الدولة، وما ترتب على ذلك انفاق حكومي هائل في  النفقات الجارية على حساب الاستثمار والتنمية.  من نتائج هذا الوضع ازمتين ماليتين تهدد الاستقرار خلال سنوات قليلة ، واشعلت بدورها مزيدا من  الصراع على الموارد.

فشل التنمية الاقتصادية عموما فاقم بزيادة نسبة البطالة المتجذرة، وهذه احدى اهم محركات عدم الاستقرار.

تحديات القطاع السياسي .

الاشكالات بين المركز والاقليم. قد لا تبدو هذه المشكلة الاولى في الاهتمام الشعبي، لكنها قنبلة موقوتة، فمجمل سياسات الاقليم مضعفة للمركز، ونقاط الخلاف الكبرى مؤجلة، وانفجارها مسالة وقت، فالزمن  بدون خطة وجهد للحل ليس في صالح السلام ولا في صالح الدولة.

التحول من حكومة توافق الى حكومة أكثرية، ومعارضة برلمانية تمكن من رقابة فعالة على الحكومة. ان التغيرات الاخيرة شهدت خطوات اولية بهذا الاتجاه رافقها اضطرابات. وبدون هذا التحول ستبقى العملية السياسية مرتكزة على احزاب مكوناتية تحتم ان تكون الحكومة توافقية، اي حكومة محاصصة بكل سيئاتها ، وهذا يزيد من ياس الشعب من العملية السياسية. وفي نفس الوقت يسهل من الفساد واستحواذ الاحزاب على الموارد وتقاسمها.

الافتقار الى الحوكمة الرشيدة. ان التحول الى الحوكمة الرشيدة يتطلب حكومة فعالة من ناحية ومسائلة من البرلمان والشعب من ناحية ثانية. وقد اثبتت التجربة الماضية  ان حكومة التوافق تكون ضعيفة  وغير فعالة وغير مسائلة من البرلمان باعتبار ان احزاب البرلمان مساهمين فيها. ومع الافتقار للحوكمة الرشيدة يتفشى الفساد، والسياسات الخاطئة او العجز عن تنفيذ السياسات الصحيحة في تقديم الخدمات وتنفيذ حكم القانون مما يؤدي الى عدم ثقة الجمهور بالحكومة واحجامه عن تأييدها ودعم برامجها.

الانقسام الداخلي واثره على السياسة الوطنية الخارجية، وعلى سياسة الدول الاجنبية تجاه العراق.

ونرى من هذا العرض ان التحديات تتفاقم في القطاع الواحد بحيث تكون اثارها مقوضة للقطاع الثاني ومغذية للضعف فيه، وهذا اوقع الدولة في دوامة   هبوط وانهيار اسميها “دوامة التردي”.

كيف ننهض؟

سبقتنا دول وقعت في “دوامة التردي” بمحاولة النهوض منها من خلال ضخ بعض الاموال وتنفيذ برامج محاربة الفقر وبرامج تنموية اخرى. هنالك بعض النجاحات كالبانيا مثلا ، وهناك الكثير من حالات الفشل كما في سوريا  ومصر وافغانستان والعراق. لماذا نجحت بعض الدول وفشلت اخرى؟ اعتقد ان هنالك شرطين للنهوض:

الشرط الأول:

وضع استراتيجية متكاملة متعددة الأبعاد لكسر “دوامة التردي”. فضخ بعض الأموال وبرامج التنمية وجهود أخرى  متفرقة ومشتتة لا تكفي لكسر الدورة بل نحتاج الى استراتيجية متكاملة  تقوم على أمرين: الأمر الأول؛ تشخيص التحديات الحرجة التي تهدد قطاعا معينا لكن تداعياتها تهدد قطاعا ثانيا، مثلا تحدي امني تمتد تداعياته الى القطاع الاقتصادي، او تحدي اقتصادي تمتد تداعياته الى القطاع السياسي وهكذا. كمثال تاريخي، ضخت الحكومة العراقية الكثير من الاموال الى محافظة الموصل بين 2007-2014، لكنها لم تعالج التحدي السياسي المتمثل بالتقاطع بين المحافظة والمركز، ولا التحدي الامني المتمثل بوجود التنظيمات الارهابية التي كانت تمول نفسها من الاتاوات المستحصلة من دوائر الدولة. فلم يمكن الخروج من الدوامة بحل اقتصادي فقط. أما الأمر الثاني؛ أن تكون الاستراتيجية مرتكزة على مبدأ استنهاض الإنسان من موقع ضحية  الدولة الفاشلة الى موقع المشاركة في نهضة  الدولة.

 الشرط الثاني:

وهو الشرط الأصعب: توفر القوة والإرادة السياسية للحكومة التي تضع الاستراتيجية وتنفذها.

أما الإرادة السياسية للحكومة فتأتي من تطلعات سياسية وطنية لأفرادها وقاعدتهم الحزبية ، ومؤهلات قيادية تتناسب مع حجم التحديات، وايمان  بوجوب التغيير وامكانية النجاح، واعتقاد جازم بان تحقيق المستقبل السياسي الشخصي والحزبي ينعقد  على  تنفيذ استراتيجية  النهوض وتحقيق تطلعات الشعب.

 أما قوة الحكومة، فتؤمنها قاعدة شعبية وبرلمانية، وهذا يتطلب تحالف احزاب على برنامج النهوض بما يؤمن القاعدة البرلمانية، ويجب ان تستند حملتهم الانتخابية وعملهم الشعبي علي هذا البرنامج، وأن تنسجم الشخصيات والقوى المتحالفة مع مقاصد الإصلاح والنهوض  ليضمنوا القاعدة الشعبية.

وبعد  انتهاء ورقة الأستاذ صفاء الشيخ ، قدم السيد مازن صاحب  المتحدث الثاني، الأستاذ محمد الشبوط للإجابة  على  اليات الخروج من هذه التحديات الواردة في  ورقة  الأستاذ صفاء الشيخ  في بناء  دولة حضارية  حديثة، وقدم الأستاذ الشبوط ورقته في الاتي :

الدولة الحضارية الحديثة..

الدولة الحضارية الحديثة (د ح ح) هي الدولة التي تضمن أفضل تفاعل واستثمار لمكونات المركب الحضاري المنتج لسعادة الانسان في إطار منظومة القيم الحافة به المتبناة من قبل المجتمع المعين.

ومن هذا التعريف يتضح أن هدف “د ح ح” هو تحقيق سعادة الانسان. وهذا هدف يسعى اليه كل انسان. ولا خلاف بشأنه.

وهذا يختلف عما ورد في وثيقة الاستقلال الاميركية التي قالت: “إن جميع البشر خلقوا متساوين، وأنهم وهبوا من خالقهم حقوق غير قابلة للتصرف، وأن من بين هذه الحقوق حق الحياة والحرية والسعي وراء السعادة”. لكن الوثيقة لم تثبت دور الدولة في ضمان تحقيق السعادة، على خلاف التزام “د ح ح” بذلك.

والمركب الحضاري يتألف من خمسة عناصر هي: الانسان، والطبيعة، والزمن، والعلم، والعمل.  ومحور هذه العناصر هو الانسان الذي يتعامل مع الطبيعة من خلال العلم والعمل في سياق الزمن.

أما منظومة القيم الحضارية فهي مؤشرات السلوك وضوابطه في علاقة الانسان بهذه العناصر، ويمكن تقسيم العلاقات الى نوعين: علاقة الانسان بأخيه الانسان (العلاقات الاجتماعية)، وعلاقة الانسان بالطبيعة (العلاقات الطبيعية).

واذا كانت عناصر المركب الحضاري واحدة في كل المجتمعات، فان منظومة القيم قد تتباين من مجتمع الى اخر، ومن عصر الى اخر.

لكن استقراء تاريخ الحضارات البشرية يعطي الانطباع بان الانسانية تقترب من الاتفاق على عناوين هذه القيم، وان اختلفت في مصاديقها، والطريق الموصل الى الاقتناع بها، والتشريعات القانونية المحققة لها.

ومن هذه القيم العليا المحققة لسعادة الانسان: العدل والحرية والمساواة والامن واحترام حقوق الانسان وغير ذلك.

ومن اجل ان تتمكن “د ح ح” من تحقيق سعادة الانسان، يجب ان تقام على خمسة اعمدة هي: المواطنة، والديمقراطية، وحكم القانون، والمؤسسات، والعلم الحديث.

وتشير المؤشرات الدولية لقياس السعادة وغيرها من جوانب الدولة الحضارية الحديثة والدراسات المشابهة عن وجود علاقة بين سعادة الانسان وبين هذه المؤشرات. وتشير قائمة الدول التي يشعر مواطنوها بالسعادة الى كونها دولا تقوم على اساس المواطنة والديمقراطية وحكم القانون والمؤسسات والعلم الحديث. والعكس بالعكس، حيث تدل المؤشرات على ان اتعس الناس هم الذين يعيشون في دول لا تقوم على هذه الاسس والركائز. ففي هذه الدول يعاني الناس من الفقر او البطالة او سوء الخدمات او الاستبداد او التبعية ورداءة الخدمات والامراض وغير ذلك من الظواهر السلبية المعبرة عن التخلف. والتخلف هو، من منظار فكرة “د ح ح”، عبارة عن خلل حاد في المركب الحضاري ومنظومة القيم الحافة به. ولهذا فان السعي الى اقامة “د ح ح” في اي مجتمع يجب ان يتزامن ويتكامل وربما يسبق في بعض الاحيان مع الجهود المبذولة للقضاء على التخلف، اي معالجة الخلل الحاد في المركب الحضاري. وقد فشلت كل الدعوات الى التغيير والاصلاح التي لم تتوجه الى معالجة الخلل الحاد في المركب الحضاري، اي التخلف.

ويشكل اصلاح النظام التعليمي في المجتمع خطوة اساسية لتحقيق الامرين في ان معا بسبب الدور الكبير الذي تلعبه المدرسة في بناء منظومة القيم الحضارية في المجتمع.

ويتضح من هذه المؤشرات ان “د ح ح” ليس وصفة جاهزة انما هي سيرورة تتحرك وتنمو مع الزمن، ولهذا تختلف الدرجات التي تحصل عليها “د ح ح” وهناك مستويات مختلفة، ولا توجد الان “د ح ح” تنال الدرجة ١٠٠ في المؤشرات الدولية، كما لا يوجد نموذج واحد لها. انما يستطيع كل مجتمع ان يبني دولته الحضارية الحديثة بالطريقة والنموذج الذي يناسبه ما دام قائما على الركائز الخمسة ومحققا لسعادة الانسان.

شاهد أيضاً

واشنطن: إيران “لن تستطيع الاختباء” وراء الحوثيين

الشرق اليوم– حثت الولايات المتحدة، إيران، لى وقف نقل الأسلحة إلى الحوثيين في اليمن، التي …