الرئيسية / الرئيسية / البيت العراقي.. بديلٌ عن البيوتات الطائفيَّة والعرقيَّة

البيت العراقي.. بديلٌ عن البيوتات الطائفيَّة والعرقيَّة

بقلم: عبد الحليم الرهيمي

الشرق اليوم- اتسع في الآونة الأخيرة نطاق تداول مصطلح “البيوتات” لتسمية تعدديَّة الانتماءات الطائفيَّة والعرقيَّة والمذهبيَّة والدينيَّة التي يتسمُ بها المجتمع العراقي كالقول بـ(البيت الشيعي) و(البيت الكردي) و(البيت السني).. وغيرها من البيوتات بدل الحديث عن كتل وأحزاب وتنظيمات سياسية عراقية.

وإذا كانت الطروحات والممارسات الطائفية والمذهبية والعرقية قد رافقت تأسيس العملية السياسية بعد العام 2003 فقد ترسخ التعبير عنها الى حد كبير في دستور العام 2005 وبينما كان هذا التداول يتراجع نسبياً في الحياة السياسية لكنه سرعان ما ينبعث ويتجدد بقوة في المواسم الانتخابية للمجالس المحلية أو البرلمانية وعند تشكيل الحكومات وتوزيع الوزارات والمناصب الادارية العليا والمتوسطة بين الكتل والتنظيمات السياسية التي تجد في الطروحات والممارسات الطائفية والعرقية و(التمسك) بالمحاصصة باسم (المكون) أو الاستحقاق الانتخابي السبيل (المفضل) لديها للحصول على الوزارات والمناصب والامتيازات التي تسعى للاستحواذ عليها. وخلال الأشهر الأخيرة أي ما بعد استقالة حكومة تصريف الأعمال الحالية في نهاية تشرين الثاني من العام الماضي، تصاعدت بشكل مدهش ومروع وتيرة تداول المصطلحات المذهبية والعرقية والدينية للبيت الشيعي والكردي والسني والتركماني والمسيحي للحصول على مكاسب خاصة باسم المكون مقابل انعدام أو تراجع التداول بالبيت الوطني الاشمل اي البيت العراقي والحديث عن مصالحه العليا وعن بنائه وتطوره التي تعود في الواقع لجميع العراقيين بمختلف انتماءاتهم المذهبية والعرقية والدينية والمناطقية والسياسية، كانت الكتل والتنظيمات السياسية الشيعية أكثر من تداول بمصطلح البيوتات والإسهاب في الحديث عن (البيت الشيعي) حيث وجدت الكتل والجماعات السياسية من الانتماءات الاخرى ان من مصلحتها السير على المنوال ذاته وتداول مصطلح البيوتات عوضاً عن مصطلح (المكونات) الذي كان يعبر عن مفاهيم وممارسات طائفية ومذهبية وعرقية أخف حدة من مصطلح البيوتات، حيث يتعكز القائلون بـ (المكونات) على أنه مصطلح (دستوري) تكررت الإشارة إليه عشرات المرات في دستور 2005! وبينما تداولت الكتل والتنظيمات السياسية الشيعية مصطلح (البيت الشيعي) في انتخابات العام 2018 فقد اتسع نطاق هذا التداول بقوة وبشكل مستغرب بخروجه عن سياقات العمل السياسي ومن السياقات الدستورية.

فخلال المساعي التي جرت لاختيار مرشح بديل عن رئيس الحكومة المستقيلة وتقديمه الى رئيس الجمهورية ليقوم بتكليفه لتشكيل الوزارة كما حصل للسادة توفيق علاوي وعدنان الزرفي ومصطفى الكاظمي، كان يقال انه مرشح الكتلة الانتخابية الأكثر عدداً (المختلف عليها منذ العام 2010) وعند بروز (حالة استعصاء) بذلك يقال مرشح (البيت الشيعي) وحين واجه هذا (البيت) ثمة مصاعب في الاتفاق على المرشح لرئاسة الوزراء ابتدعت مقولة (اللجنة الشيعية السباعية) من البيت الشيعي لتقوم بتلك المهمة التي لم توفق بها، ولم ينقذ الموقف إلا بالصفقة التي شهدنا فصولها بشكلٍ مكثف بالإعلام وهي اتفاق جميع الكتل والجماعات السياسية في قصر السلام بتسمية المكلف الحالي.والواقع ان مصطلح البيوتات المذهبية والعرقية لم ترد أي إشارة عنها في الدستور والقوانين المرعية، فضلاً عن كونه مصطلحاً يكرس الطائفية والعرقية، فضلاً عن أنَّ صفة هذه البيوتات لم تأت بتخويل من تلك المكونات؛ لأن الناخبين صوتوا لهم كقوائم وتنظيمات سياسية، إضافة لعدم وجود مرجعية طائفية أو عرقية منحت هذه البيوتات شرعية الحديث باسم الطائفة والعرق والمذهب، يضاف الى كل ذلك إنَّ أي أخطاء أو أغلاط ترتكبها تلك البيوتات وهي بيوتات سياسية سترتد على أبناء تلك المكونات.

والحقيقة إنَّ تعبير (البيوتات) وحتى (المكونات) هي تعابير تكرس الطائفية والمذهبية والعرقية وتبدد مفهوم الوطن والوطنية، بل وتلغي وتضيع مفهوم ومصطلح الشعب الأساس لوجود المجتمع ووجود الدولة الجامعة لكل الانتماءات الوطنية المذهبية والدينية والعرقية.

إنَّ هدف إيجاد شعب عراقي موحد تتعايش فيه ولا تتمايز جميع الانتماءات المذهبية والطائفية والعرقية هو هدف مؤسسي الدولة العراقية المدنية وفي مقدمتها الملك فيصل الأول الذي عبر عن رؤيته تلك بمذكرته الشهيرة التي قدمها لقادة الدولة آنذاك لدراستها. وخلال المئة عام المنصرمة تعثرت تلك الرؤية واستبدلت بمقولات البيوتات والمكونات بدلاً من الشعب العراقي والتي أبدت إمكانية تحقيق هذا الهدف. وفي ضوء ذلك ومن أجل تحقيق وحدة مجتمعيَّة وسياسيَّة جامعة للشعب العراقي لا بدَّ من تجاوز تلك المفاهيم الخاطئة، فبدلاً من البيوتات والمكونات ينبغي التركيز على البيت الوطني العراقي للجميع، أي بدلاً من (البيت الشيعي)، نقول لا بيت لشيعة العراق – كما الآخرون – إلا (البيت العراقي) الوطني، وهو البيت والوطن النهائي لشيعة العراق وللآخرين.

شاهد أيضاً

الرئاسة الفلسطينية: الإدارة الأمريكية مسؤولة عن أي اقتحام لرفح وتداعياته الخطيرة

الشرق اليوم- حملت الرئاسة الفلسطينية، مساء أمس الأربعاء، الإدارة الأمريكية مسؤولية أي هجوم إسرائيلي محتمل …