الرئيسية / الرئيسية / العراق ولبنان وضرورة تصحيح مسارهما الديمقراطي وتعزيز كيان الدولة

العراق ولبنان وضرورة تصحيح مسارهما الديمقراطي وتعزيز كيان الدولة

بقلم: د. جواد الهنداوي

الشرق اليوم– سبقَ لبنان العراق، من حيث الزمن ومن حيث البناء، في المسار الديمقراطي، في كلا البلديّن شهدنا و نشهد ممارسات ديمقراطية: تعددية حزبية، انتخابات تشريعية ، تداول في السلطة ، مشاركة في الحكم وفقاً لتوافقات سياسية و تكتلات حزبية ، تمثيل لمكونات المجتمع في ممارسة السلطة ،حرية الصحافة و المواطن في ابداء الرأي، وفي كلا البلدين شهدنا ونشهد ذات التحديات الداخلية والخارجية : تخندّق و اقتتال طائفي ، حروب ، احتلال اسرائيلي لجزء من لبنان و اعتداءات اسرائيلة متكررة ، و احتلال أمريكي للعراق ، تدخلات و ادوار خارجية لدول كبرى واقليمية وحتى صُغرى ، و ارتباط الى درجة التبعية ، لبعض الحركات والأحزاب والشخصيات السياسية والحكومية ، بدول و بأجندات  .

في كلا البلدين (لبنان و العراق ) لم نبلغْ بعد ” درجة تجربة ديمقراطية ” ،  قطعنا  شوطاً في ممارسات ديمقراطية ، في مظاهر الديمقراطية ، ولكن لم نعرفْ بعد الديمقراطية كنظام و كمنهج لجميع جوانب الحياة ، لم نعرف بعد الديمقراطية كسلوك فردي و جمعي قائم على احترام إرادة الشعب ،تلك الإرادة المتمثلة في سيادة الدولة ،في كيان الدولة .

الديمقراطية والقانون تؤمان لا ينفصلان ، و كلاهما

ركيزتان أساسيتان لكيان الدولة : لا يمكن ان يكون للدولة نهجاً او نظاماً ديمقراطيا دون تطبيق وسيادة قانون عادل وقادر على تطوير المجتمع ،كما لا يمكن ان تُوصفْ دولة ما بانها دولة قانون دون ان يسودها و يقودها نهج و نظام ديمقراطي .

العِبرة في القانون ليس سنّه و تشريعه و تطبيقه ، وانّما عدالتهِ و قدرته على حماية وتطوير المجتمع و الدولة . في العراق ، وفي ظّل نظام صدام حسين السابق ، شهدنا سيادة القانون وتطبيقه ،ولكن لم يكْ قانوناً عادلاً ولم يكْ من اجل حماية و تطوير المجتمع وانّما حماية النظام و ترسيخ استبداد و ظُلمْ القائد .

كذلك في الديمقراطية ، ليس ألعبِرة بممارساتها ، وانّما بهدفها وهو احترام إرادة الشعب وبناء الدولة .

ليس العبِرة بعنوانها (و اقصد الديمقراطية ) ، وانّما بالإيمان بها والتعبير عنها من خلال سلوك المواطن ، مسؤولاً كان او رعيّة ، من خلال سلوك الحزب ، في السلطة كان الحزب  ام في المعارضة ، من خلال سلوك المجتمع عندما تتُاح له الفرص في التعبير عن رأيه ، وتبنيه مواقف وطنية و مسؤولة في الانتخابات و في مواجهة المحن والتحديات .

المعادلة التالية هي خلاصة ما تقدّم : لا يمكن ان نكون (في العراق او في لبنان ) دولة قانون دون ان تسود الديمقراطية ،ممارسة وهدف ونهج ونظام ؛ ولا يمكن ان نكون دولة ديمقراطية دون ان يسودها قانون عادل وقادر على حماية وتطوير المجتمع والدولة .

للاسف ، تفشي الفساد ، والتوظيف السئ للدين ( ارهاب ،طائفية ) ، و توجهّ البعض من السياسيين لاستخدام الدولة وليس لخدمة الدولة  أصبحت  ، في كلا البلديّن، ظواهر و أدوات مُستدامة لأضعاف و تخريب الدولة ، و تُمارس ، تحت عنوان الديمقراطية و حرية الرأي وحقوق الانسان . لذا ،كتبتُ ،في متن المقال ،باننا في العراق و في لبنان نفتقر الى تجربة ديمقراطية ، ونعيش ممارسات ديمقراطية فقط ، و تستخدم كرداء لتغطية السرقات والفساد وخراب الدولة .

الديمقراطية في ممارسة السلطة او الحكم ، في لبنان كما في العراق ، أستقرّت ،على ما يبدوا ، بصفتها التوافقية وليس وفقاً لقاعدة الأغلبية او الأكثرية ؛ توافقية بين الأحزاب ،بين الكتل ،بين الطوائف ،بين المكونات ، ولكنها ، توافقية قائمة على قاعدة التغاضي عن التقصير بحق الدولة والشعب و التراضي على المغانم والمكتسبات والصفقات .

بكل تأكيد ، تعثّر المسار الديمقراطي وعجزه عن بلوغ درجة تجربة ديمقراطية ناجعة في بناء الدولة و احترام إرادة وتطلعات الشعب ، يعود الى طبيعة النظام السياسي القائم على تعظيم و تمكين دور الحزب و تحجيم دور المواطن ، فأصبحت الدولة (في العراق كما في لبنان ) من اجل الأحزاب و ليس الأحزاب من اجل الدولة و المواطن . الامر الذي قادَ الى ضعف مُستدام لكيان الدولة ، والى تسابق و تنافس عربي و إقليمي و دولي من اجل الفوز بمصادرة قرار و توجهّ الدولة ، من اجل استباحة الدولة أمنياً و اقتصادياً .

ماهو الحلْ ؟

الحلُ هو في التفكير  بتعديل دستوري يسمح بأصلاح سياسي يضمن مشاركة مباشرة للمواطن بأختيار السلطة التنفيذية، سلطة قادرة على اتخاذ قرارات هادفة لبناء امن واقتصاد الدولة ، سلطة متحررة من سطوة الأحزاب ومن هاجس رضى الأحزاب على حساب مصلحة الشعب والدولة ، سلطة تستمد قوتها وشرعيتها من صوت الشعب الذي اختارها وليس من قرار الأحزاب .

لسنا ضّدْ دور الأحزاب ، ولا ديمقراطية دون تعددية حزبية ،ولكن نحن مع نظام سياسي يضمن التوازن والتكافئ بين دور الأحزاب و دور المواطن في صنع القرار ،نظام قادر على صنع دور إيجابي للأحزاب ومسار ديمقراطي صحيح لبناء الدولة والمجتمع .

لا يزال النائب ، وهو تحت قُبّة البرلمان او مجلس النواب ، يشعرُ بأنه يمثل الحزب وليس الدولة ، ويدافع عن مصالح الحزب وليس عن مصالح المواطن والدولة . تكرار وتراكم مثل هذه الثقافة الحزبية والسلوك النيابي يقود ،في نهاية المطاف ،الى ضعف مستدام للدولة .

شاهد أيضاً

السوداني يستقبل في واشنطن وفد إدارة بنك جي بي مورغان

الشرق اليوم– استقبل رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، مساء أمس الأربعاء، في مقرّ …