الرئيسية / الرئيسية / واقع العراق بين التحزب والتذبذب

واقع العراق بين التحزب والتذبذب

بقلم: أ. د نبأ الدلوي

الشرق اليوم- تمخضت نتائج احتلال العراق عن ظاهرة التحزب وتشكيل عدد من الأحزاب التي وبدعم المحتل أصبحت لها سلطة للتحكم بمصير العراق شعباً وثروات والذي عزز سلطة هذه الأحزاب وتحكمها بالعراق ومقدراته الشخصيات المنتفعة والمتذبذبة المنتمية لها والتي لا تستطيع اتخاذ قرار صائب وليس لديها موقف ثابت  وسليم اتجاه الازمات التي تعصف بالعراق.

فمنذ أكثر من ستة عشر عاما لم تستطع أي من هذه الاحزاب المتسلطة المتنفذة في العراق ان تتقدم خطوة واحدة  للنهوض  بالعراق واعادة استقراره وحماية سيادته من الاختراقات والمحافظة على ثرواته وانصاف شعبه واسترداد حقوقه وهذايعكس نمط الشخصية وحالة القلق التي يعيشها المنضوين تحت خيمة هذه الاحزاب نتيجة عدم امتلاكهم رأي ثابت  في اتخاذ القرار الصائب وافتقار وجدانهم للقيم الاخلاقيةالسامية  والثقافة الروحية و الفكرية التي تعد سببا رئيسا لتذبذبهم وترددهم والاكثر وضوح في تردد وتذبذب هذه الشخصيات الحزبية عدم ثباتها على قرار في اختيار الشخصية العقلانية لتولي مهام رئاسة  الحكومة العراقية و المتوافقة مع مطالب الشعب الرافض لكل شخصية مرتبطة بهذه الاحزاب وهذا يدعونا الى نعت هذه الشخصيات بالمتذبذبة والمنافقة،التي تتلبس  بالباطل وتظهر الحق رياءً وهم يعيشون في حيرة دائمة لما يكتنفهم من خواء وفراغ روحي وعزوف عن الإلتزام الصادق اتجاه العراق وما آل اليه واقعه المأسآوي بعد احتلاله وتدمير بناه التحتية وتمزيق لحمته الوطنية والاجتماعية.

إن تذبذب الشخص برأيه وقراره إنما هو نتيجة تضارب مصالحه وعدم ترجيح عقله في كل الأمور.

  وفي هذا قال اللـه تعالى في كتابه العزيز : “مُذَبْذَبِيـنَ بَيْنَ ذَلِكَ لآ إِلَى هَؤُلآءِ وَلآ إِلَى هَؤُلآءِ وَمَن يُضْلِلِ اللـه فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً “فالمتذبذب المرْتجف، غير المستقرّ. هو الشخص المتحير او المتردد ” في ولائه، متقلِّب في مزاجه، لا يثبت على رأي، والمتأرجح في قراره ، وفي تحليل علماء النفس للشخصية  المتذبذبة المترددة (سايكلوثيميا) بانها اضطراب المزاج الدوري المتردد بين الإكتآب والسرور  و عدم استقرارها والتأرجح  في اتخاذ قرار والشعور بحالة القلق التي تنتابها باستمرار.

فالشخصية المترددة يتسم  صاحبها بانه لا  يستقر له قوام فكري ثابت ومطمئن ويتردد كثيرا بين الحق والباطل  وليس  لديه موقف واضح وصريح قلق وغير متوازن مما يجعله يميل الى مصلحته اكثر من المصلحة العامة.

ووفقا لما قاله (پول تليك) فإن التذبذب والقلق الفكري هو السائد في العصرالذي نعيشه الان ووصف حالة الإنسان المتذبذب أو المتردد بان  همه الأول هو الذاتية المفرطة نتيجة لعدم شعوره بالراحة نتيجةالتضارب بين واقعه و ثقافته الروحيه التي لا تنسجم مع ذلك الواقع. وما يلهج به لسانه لا يعبر عما يفعله ويمارسه وينتهجه في يوميات واقعه وهو غير قادرعلى تزكية الحق وتأنيب الباطل ،وان  سلوك المتذبذب هو سلوك نفاقي ذلك أن من أهم صفات المنافقين أنهم يعيشون في حيرةدائمة اذا ما ارادوا ان يتخذوا قرار صائباً ولهذا فهم يعيشون حالة من التردد والتذبذب، فالانسان الذي  لايهتم بتحسين سريرته و سيرته.فانه مهما حاول التظاهر بالصلاح  لا محالة سينكشف إن كانت سريرته طالحة،ويظهر فاقدا لهويته وشخصيته. ويصبح جل همه البحث عن مصلحته  يدور حولها أينما دارت  حتى لو تعارض مع الموقف والمصلحة العامة وهذه الشخصية تبني علاقاتها مع الاخرين  وفق ماترتأيه مصلحتها .ولا نستغرب في ان من يتصفوا  بهذه الشخصية الإزدواجيه هم الولائين المتضادين والمتظاهرين  بخلاف ما يعتقدون المسلوبي الارادة اللاهثين وراء الاغراض الشخصية والمنساقين لأوامر وإملآت الاخرين ، واصحاب المصالح والنفعية والمنشغلين بغنائم الترف والجاه والسلطة  الذين لا يمتلكون قدرة الترجيح  بين الحق والباطل  في كل الأمور والذين  يعيشون أو عاشوا وتأثروا في بيئة مليئة بالمكر والرياء والخداع والجهل اذتغمر نفوسهم حالات التذبذب والتردد في تحديد اختياراتهم وهذا هو  سبب ضلالتهم وضياعهم في الوصول للنتيجة الحاسمة في الوقت المناسب قبل فوات الفرصة لنجاحهم في اتخاذ موقف ثابت و رأي  سديد  لا يعتريه التردد والتذبذب في وضوح الرؤية، وتشخيص الهدف، ومعرفة الحق الذي هو بطبيعته ينسجم والفطرة الانسانية السليمة، وبعد ذلك فهم يصرون  على العمل الذي ترتضيه جماعة الباطل والسعي الجاد على تحقيق اهدافهم .

وهذا الواقع هو الذي  تعيشه الاحزاب في العراق المتفرعنة التي تتعامل مع طبيعة الواقع العراقي   من برجها العاجي وصومعتها الفارغة دون ان يكون لها رأي واضح ودقيق في مواجهة مايعتريه من ازمات وكوارث  بل انها تختار وتتبع الانموذج المؤيد للباطل وتكريسه ونكران الحق وتدليسه.

شاهد أيضاً

الأمل المستحيل لإسرائيل

بقلم: عاطف الغمري – صحيفة الخليج الشرق اليوم- عندما يطرح مركز بحوث أمريكي مؤيد دائماً …