الرئيسية / الرئيسية / العراق القادم لمن؟

العراق القادم لمن؟

بقلم: إبراهيم الزبيدي

الشرق اليوم- في تغريدة لرئيس الوزراء المكلّف مصطفى الكاظمي قال إنّه “يريد فريقا حكوميا كفُؤا ونزيها يواجه الأزمات ويسير بالبلاد نحو النجاح وتحقيق مطالب الناس”، فهل هذا ممكن؟

ففيما يخص البيت الشيعي هناك خلاف ساخن بين جماعة هادي العامري التي تريد جهاز المخابرات والأمن القومي ضمن حصصها وهو لا يريد، مع ضغوط شديدة تمارسها عليه أطراف شيعية أخرى مهمة وفاعلة ومؤثرة موالية لنظام الولي الفقيه.

وعلى الجانب السني يواجه الكاظمي مطالب تعجيزية من المجاميع السنية المتسابقة على حصص الطائفة في الحكومة، مع تهديدات مبطنة أحيانا، وصريحة أحيانا أخرى، بالويل والثبور وعظائم الأمور إن لم يلتزم باحترام تلك الحصص.

أما رئاسات جمهورية كردستان فمتمسكة بقوة وعناد، بشروطها المشددة، حتى لو وجد فيه ما يَدخل في خانة الاستكراد وليّ الذراع.

وعلى وقع هذه المعارك لا يبقى أمل في تشكيل قريب لحكومة يريد منها الكاظمي أن تكون كفؤة ونزيهة، وتلبي بعض مطالب المتظاهرين، إن كان صادقا في تغريداته ونواياه.

وبناء على كل ما تقدم لم يعد أمامه سوى خيارين لا ثالث لهما. إما أن يَرضى بأن يكون شاهد زور وشيطانا أخرس وعبدا مأمورا، ورئيس وزراء منزوع الدسم والصلاحيات، وإما يعتذر كما اعتذر من كان قبله، ومن كان قبل قبله، ليريح ويستريح.

وتعالوا نتابع المعارك الدائرة هناك. ونبدأ برئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني، الذي قال إن “موقفنا من دعم الكاظمي لتشكيل الحكومة سبق وأعلنا عنه، ولا زلنا على موقفنا، كما نريد أن يأخذ الكاظمي بنظر الاعتبار مطالبنا، وحاليا هناك وفد في بغداد للتباحث حول هذه المطالب”.

أما عضو برلمان إقليم كردستان عن الاتحاد الوطني الكردستاني عثمان كريم، فقد قال بصراحة أكثر إن “أبرز مطالب الأكراد تتمثل في الاعتراف بحقوق الإقليم الدستورية، والتعامل معه ككيان مستقل عبر مؤسسته الرسمية، ويتم التفاهم معه على المناصب المخصصة للأكراد على هذا الأساس”.

وأضاف أن “ضمان حقوق الموظفين والبيشمركة وإرسال رواتبهم الشهرية ومستحقاتهم، وكذلك ضمان تنفيذ الاتفاق النفطي السابق مع حكومة عادل عبدالمهدي، والذي يضمن وصول أموال الموازنة إلى الإقليم هي أبرز المطالب الرئيسية للأكراد في الوقت الحالي”.

وعلى نفس الصعيد كشف النائب عن تحالف الفتح كريم عليوي عن خلاف آخر في بيت تحالف زعيمه هادي العامري وبين الكاظمي، قائلا إن “الكتل السياسية الشيعية والسنية ترفض تولي الأكراد منصب وزير المالية، لأنهم يتعاملون مع العراق كدولة أخرى وليس جزءا منها”، مبينا أنه “في الملف المالي فقط، نجد الإقليم يتعامل مع العراق ويطالب بمستحقاته من دون دفع إيرادات النفط”.

هذا من جانب. ومن جانب آخر برزت خلافات أخرى جادة وحادة بين تحالف الفتح، (جماعة هادي العامري)، وبين الكاظمي حول حصة التحالف في الحكومة الانتقالية. فجماعة العامري تريد جهاز المخابرات ومستشارية الأمن الوطني، وهو ما يرفضه الكاظمي الذي يرفض تسليم جهاز المخابرات لأي كتلة، ويفضل أن يُدار بالوكالة من قبل أحد نوابه في الجهاز.

كما يريد الكاظمي تغيير مستشار الأمن الوطني بشخصية أخرى غير فالح الفياض، إلا أن الفياض متمسك بمنصبه.

خلاف آخر بين جماعة محمد الحلبوسي وإياد علاوي. فقد أصبح في حكم المؤكد أن تذهب وزارة الدفاع لتحالف الحلبوسي (جناح أحمد الجبوري، أبومازن)، بعد أن فقد تحالف إياد علاوي نوابه، ولم يعد لديه كتلة كبيرة في البرلمان.

ويبدو أن هذا ما دفع بعلاوي إلى مهاجمة العملية السياسية كلها، بعد أن شرب من حليبها إلى أن شبع. فقد ارتدى ثوب البشير النذير، قائلا في تغريدة على موقعه في تويتر، “نخشى أن يكون تقاسم المواقع مقدمة لإهمال تمثيل النقابات والاتحادات المهنية، وتجاهل مطالب المتظاهرين الذين بذلوا أرواحهم لتحقيق الإصلاح الشامل”. وحذر قوى السلطة ودعاها إلى “أن تهيئ نفسها لسخط شعبي مُقبل لن تتوقف حدوده عند المطالبة بإسقاط حكومة المحاصصة، بل سوف تتعداها إلى عملية سياسية مريضة”.

وقد أعلن تحالف القوى (السنية) عن تشكيل وفد تفاوضي للحوار مع الكاظمي حول حصة التحالف من الوزارات في كابينته الحكومية المنتظرة وفق استحقاقه الانتخابي، ومن ثم الشروع بطرح الأسماء.

وكان النائب السابق عن المكون التركماني جاسم محمد قد كشف في تصريح سابق عن صراع سياسي بين رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورئيس المحور الوطني خميس الخنجر على الحقائب الوزارية.

هذه هي أهم ملامح الألعاب النارية التي يتقاذفها زعماء آخر زمن، والتي لا تدعو المواطن العراقي إلى الضحك، ولا إلى البكاء، بل إلى انتظار الغد المأمول.

فهذا دليل آخر قاطع وملموس على أن الذي دمر حياة الشعب العراقي وأعاده عشرات السنين إلى الوراء، ومزق وحدته وأضاع أمنه وبدد ثرواته، هو تطفل رجلِ الدين وشيخِ العشيرة وحاملِ الشهادة المزورة على السياسة، والسطو على قيادة الدولة، وهم فاشلون وجهلة لا يؤتمنون ولا يرحمون.

وخلاصة الخلاصة هنا أن هؤلاء، بهذه النفسيات المريضة والأخلاق البغيضة، لا يمكن أن تدوم لهم أمجادهم التي بنوها، وما زالوا يبنونها على رمال.

واستطرادا، فإن العراق القادم ليس لهم، أبدا أبدا، بل لشعب أبيّ ذكيّ زكيّ شجاع سوف ينهض مجددا من غفوته الـ“كورونية” اللعينة، عن قريب، ليكنس الوطن مما علق به من زعانف وجراثيم.

فهذه فرصته الأخيرة، ولن تتكرر. فظروفها مواتية وفرص نجاحها جاهزة، فإن ضاعت هذه المرة فلن تعود، ولن تقوم لنا بعدها قائمة.

شاهد أيضاً

ماذا حصل دبلوماسيّاً حتى تدحرج الوضع مجدداً على الجبهة اللبنانيّة – الإسرائيليّة؟

بقلم: فارس خشان- النهار العربيالشرق اليوم– بين 15 آذار (مارس) الجاري و23 منه، انخفض مستوى …