الرئيسية / الرئيسية / الحكومة.. بين الغنيمة والهزيمة

الحكومة.. بين الغنيمة والهزيمة

بقلم: أ.د. ضياء واجد المهندس

الشرق اليوم- تنفس إبليس أمريكا، الحاكم المدني للعراق بول بريمر، الصعداء في عام 2003 بعدما اجتماعه مع شياطين الحكم في العراق، خاصة  عندما علم أن الشياطين يبحثون عن امتيازاتهم ورواتبهم ولا يبحثون في كيفية إعاقة تدمير بلد، وكان شياطين الحكم من المعارضة في الخارج، وقد أسس بول بريمر للشياطين منظومة حكم عبارة عن إقطاعيات سياسية.. فكان رؤوساء الجمهورية وررؤساء الوزراء ورؤساء مجلس النواب جميعهم من عراقيي الخارج. وللأسف أن الكثير من الأخوة في هذه الأيام بدأوا يتجادلون ويرجعون إلى نفس ما أسس له بريمر من اسقاطات.

هناك جدل في السيرة الذاتية وأوليات السيد المكلف لرئاسة الوزراء فمنهم من أشكل عليه بشهادته الإعدادية، وعدم دوامه ليوم واحد في كلية التراث الأهلية، القسم المسائي، وحقيقة الأمر أن الكليات الاهلية إلى حد استيزار د. قصي السهيل، كانت تمنح الشهادة لمن لا شهادة له ، وكانت طاقاتها الاستيعابية أكثر من عشرة أضعاف الطاقة الحقيقية أو قدراتها أو بنيتها الهيكلية، وأن مقدار الدوام فيها لا يتجاوز نسبة 5%  الى حد 2016 .. أما موضوع خبرة الرجل قبل 2016 و طعن الكثير من الاخوة بانه لايتمتع بأي خبرة او سيرة مهنية محترمة،  هذا كما قال الامريكان( ان كل الذين يحكمون العراق هم من معارضي الخارج ) واكثرهم كانوا يتمتعون بلجوء انساني وحياة صعبة، فكانوا  يبحثون عن عمل بسيط لكي يعتاشوا عليه هم وعوائلهم فتجد بينهم الخباز والقصاب وبائع الخواتم وبائع الموبايلات والحملدار ..وهكذا . لذا من الصعوبة ان تجد من بين رؤوساء وزراء العراق من يحمل خبرة مهنية عالية في ادارة مشاريع او ادارة بلد او في مواجهة ازمات .وكان الامريكان عندما قدموا  يعلمون بهذا الامر، بل كانوا يدفعون بان تكون الادارة لمن لا ادارة له ولمن لاخبرة له. اما موضوع عدم ادارته بكفاءة لجهاز المخابرات…. فكل الوزارات العراقية هي دون المستوى المطلوب ، وبالتالي فانه لايمكن ان يكون جهاز المخابرات العراقية بمستوى متقدم ومشهود له كما يتصور البعض فليس هي بالموساد ولا السي اي اي CIA ولا ال ام  5 ولا  كي جي بي وهكذا.

عموما ،تم الدفع بالسيد المكلف مصطفى الكاظمي   الى رئاسة الوزراء امريكيا ،واعتقد ان الايرانين رغم حذرهم منه لم يمانعوا  لاسباب تتعلق بوضعهم الداخلي ،وبتحديات كورونا ..ولهذا فأن الاوضاع في الايام القادمة  قد تؤدي الى مسارات مختلفة عن مسارات العملية السياسية .اصبح من المسلمات بان العراق لن تجري فيه انتخابات مبكرة، لان منظومة الحكم في العراق هي منظومة اقطاعيات سياسية ،فالتعليم للمالكي ،والتجارة للحلبوسي ،والكهرباءو الرياضة  ستعود للكربولي والمالية  والاسكان للبرزاني ،والعدل لجماعة الطالباني، والصحة و العمل و الشؤون الاجتماعية للتيار الصدري ، و النفط لتيار الحكمة …. وهكذا وكل يتحكم في ملكية هذه الوزاراة بحدود الملكية المطلقة  التي هي معرفة للجميع. وقد تعود التجارة الى الشيعة وتعود الكهرباء الى السنة بتوافق وهكذا قد تعود  عائدية وزارة الدفاع للحلبوسي بعد ان كانت لفترات طويلة لأياد علاوي.و لهذا ، كل الكتل والتيارات السياسيةمتفقة على موضوع محاصصة الحكومة بشكل يضمن الحفاظ على قطاعياتها وعلى اقطاعياتها ،ولن تسمح بتغيير هذا النظام . اما الدعوة لانتخابات مبكرة كما طلب المتظاهرون بعد تظاهرات دموية لمدة ستة اشهر، فإنها كذبة، ولن يقبل ولن يرضخ قادة الكتل السياسية الى هذا المطلب. كما ان تغيير في المفوضية الانتخابات وتحديث قانون عادل ومنصف هذا الطامة الكبرى بالنسبة اليهم ،وستبقى الاوضاع على ماهي عليه سواء مرر مصطفى الكاظمي او لم يمرر. وبالنسبة للمتظاهرين  و لمرجعية النجف ، فان مصطفى الكاظمي حاله حال من سبقه، شخص جدلي كونه من الكتلة السياسية، ويشغل منصب رفيع في الدولة العراقية، وهو ضمن العوائل الحاكمة لان العراق الان  يمضي بعوائل حاكمة من بينها اهل زوجة الكاظمي الذي كان له الفضل الكبير في جعله مديرا لجهاز المخابرات كون ابو زوجته كان عراب لحكومة د. حيدر العبادي في فترة حكمه من 2014 لغاية 2018 . لقد دفع الامريكان بقوة الى تكليف مصطفى الكاظمي وارسلوا رسائل الى رئيس البرلمان والى رئيس الجمهورية بضرورة تمرير مصطفى الكاظمي، لان المفاوضات التي ستجري في حزيران من هذا العام 2020 حول العلاقة الاستراتيجية بين العراق وامريكا وحول القوات الامريكية المتواجدة في القواعد العراقية ،يجب ان تكون مع مصطفى الكاظمي لا مع غيره، لاسباب معروفة للشارع العراقي وللساسة ايضا. اذن العراق في وضع صعب وضع، مأساوي، عاش فترة سبعة عشر سنة من ايام التيه ،والفترة المظلمة ،لايجد  العراقي في حكومته اي منفذ امل نحو مصير  للبلد وللمواطن، ولم  يهييء له سبل العيش الكريمة بعد كل هذه السنين ، فامسى العراقي على المحك في ان يجد خيار قلب النظام ضرورة ، وليس تغيير الساسة في منظومة الحكم . ولولا كورونا، لكانت هناك عملية عسكرية كبرى قد اعدتها امريكا لتغيير اوضاع البلد، خاصة قبل تكليف الزرفي وكان مهيئا بعد تكليفه، الا ان جائحة كورونا قد غيرت واجلت الموضوع.

عموما ،الاوضاع القادمة اوضاع صعبة خاصة وانه اوضاع العراق الاقتصادية سيئة، وان امريكا والصين وا يران ومعظم الدول  التي لحقها اضرار بالغة باقتصادها، تجد في السوق العراقية وفي الثروات العراقية احد مصادر التعويض،، والاخوة في قيادة البلد لايفكرون الا في كيفية انماء ثرواتهم وكيفية الابقاء على اقطاعياتهم. عندما زار دمشق الجنرال شيان الفيتنامي وهو احد قادة الثورة وبطل من ابطالها القوميين التقى بالفصائل الفلسطينية ونظر حجم فخامة البيوت والشقق التي يسكنونها والاطباق التي اعدت في موائدهم الفخمة قال لهم مقولته الشهيرة ( لا تجتمع الثورة مع الثروة) وهذه حقيقة لان من يدعي الثورة والمقاومة لايمكن ان يكون له هذا الحجم من الاملاك والعقارات والشركات والاموال المودعة في المصارف، و الاسهم والمزارع وغيرها….وبالتالي هذا جزء من الاسباب التي قد تؤدي الى انهيارهم خاصة وان الامريكان في المناطق الخضراء قد اعدوا بعض السجون احدها قريب بجوار السفارة والاخر مقابله وحتى الاشخاص الذين سيودعون فيها  تم تحديدهم . لانريد لاي طرف من اطراف الدولة العراقية الهزيمة، ولكننا ايضا لانريد ان يكون العراق بالنسبة اليهم مجرد غنيمة.هذه الحكومة بين الغنيمة والهزيمة ستسقط بكل قياداتها ولن تجد ملاذا لها عندما ينتفض الشعب باحثا هذه المرة ليس عن اعادة وطن فقط، بل على البقاء على قيد الحياة في بلد لم يعط لمواطنيه الحياة والكرامة ولا الصحة ولا التعليم.

شاهد أيضاً

السعودية مفتاح الحل في فلسطين

بقلم: عبد الله فيصل آل ربح- الشرق الأوسطالشرق اليوم– خلال تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي، …