الرئيسية / الرئيسية / الدولة الحضارية المنشودة.. انتظار غودو!

الدولة الحضارية المنشودة.. انتظار غودو!

بقلم: مازن صاحب

الشرق اليوم- منذ عامين وأكثر وجدت نفسي منسجما مع أطروحة الدولة الحضارية الحديثة لاعادة بناء دولة مدنية عصرية في عراق اليوم؛ هذه الأطروحة التي أجادت بها قريحة الأستاذ محمد الشبوط.. ويوما بعد آخر أجد النقاش فيها يضطرب بصخب الآراء  متضاربة ومتشابكة بل ومتعارضة.

اليوم تستنهض همة المناقشات متواصلة مع الأمس القريب لتوظف عدة متغيرات على الأرض  لعل وعسى نخرج بنموذج جديد لتخطيط وتنفيذ مشروع الدولة الحضارية المنشودة.

المعضلة الأساسية عندي أن الحضارة تراكم معرفي انساني يكون منظومة قيم مجتمعية وحين ظهرت الحضارة في دولة المدينة ثم تطور نظام الدولة ذاته هناك نموذجين مطلوب التوقف عندهما الأول ظهور الاصلاح بدعوة سماوية  كان نبينا افضل الصلاة والسلام عليه واله خاتم الأنبياء … واليوم يبشر اكثر من طرف في الديانات الابراهيمية بظهور المخلص وفي الفقة الشيعي يعد الولي الفقيه نائباً عنه على يوم ظهوره .

النموذج المقابل والذي اعتقد انه قد تم تفسيره من قبل بعض رجال الدين من وجهة نظر خاصة .. يتمثل في افكار التجديد الانساني الأوروبية ما بعد عصر النهضة واجد أن ديفيد هيوم احد من اصفهم بمحللي الذات الانسانية بهدف التصالح بين كيان الانسان و مجتمعه لتكوين اخلاقيات العمل والانتاج استجابة لتطور الفكر البرجوازي وانطلاق الدولة الصناعية .

وكل التطورات التي جاءت بعده إنما انطلقت من ذات فرضيات الحاجة للدولة الصناعية ثم الاستعمار ثم الحربين الأولى والثانية ومن ثم الحرب الباردة وسقوط جدار برلين حتى جائحة كورونا اليوم وما نتوقع ما ورائها من صراع مصالح دولي كبير ربما يعيد صياغة الكثير من الأفكار والتطببقات في الصراع الحضاري الانساني.

معضلة الإسلام السياسي أنه ما يزال يتعامل مع العالم بعقلية الصحراء ومفهوم دار الحرب والسلام … نعم اتفق أن الحضارة الإسلامية تمتلك هوية إنسانية … لكن الكثير والكثير جدا من إعادة تاصيل التنمية الحضارية المستدامة بالمعايير الدولية لا تنسجم مع الكثير من تفسيرات الشريعة الإسلامية وأيضا مع منطلقات مفكرين اسلاميين بمختلف المستويات المعتبرة .

أكثر ما أخشاه أن تكون طروحات اليوم عن الدولة الحضارية المنشودة مجرد ترويح للذوبان في الاسلام السياسي ولا اعتقد ان هذا الأنتظار يمكن أن يأتي به غودو في مسرحية صومئيل بيكت المعروفة … نعم انتظار المخلص في الديانات الابراهيمية تختلف نعم هناك الكثير مما يمكن أن يقال … لكن ربط حبل وربد أطروحة الدولة الحضارية الحديثة  بمفاهيم الاسلام السياسي .. وشخوصه ومفكريه تذبح الاطروحة من الوريد إلى الوريد … نحتاج أولا الى تلك المصالحة مع الذات بشكل عام ومنها مع المجتمع لفهم معادلة المساواة بين المنفعة الشخصية والمنفعة العامة في عقد اجتماعي دستوري …  وربما تكون هذه بداية صحيحة لاعادة انمذجة تفسيرات الشريعة الإسلامية اعتمادا على أطروحة إنسانية كبرى لردم فجوة التطبيق بين منفعة هذا التفسير أو ذاك .. واتمنى أن يبدأ مخطط التخطيط للدولة الحضارية المنشودة خارج صندوق الأفكار الدينية ..كليا وان تبدا بنقد ايجابي يستحق الاهتمام اكثر في جدوى الإلتزام بالمساواة بين المنفعة الشخصية والمنفعة العامة في الانتاج .. وان يختص التفكير الإيجابي ويتفاعل مع انتظار غودو العراقي .. وليس المشروع الإسلامي الاممي … لبناء دولة مدنية عصرية في عراق الغد بعقلية حضارية منشودة .

شاهد أيضاً

وزيرة الخزانة الأمريكية تؤكد تباطؤ التضخم

الشرق اليوم- ترى وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، أن ضغوط الأسعار الأساسية تتراجع، وذلك رغم …