الرئيسية / الرئيسية / السيد الزرفي أمام إختبار التكليف: فرص النجاح وفرص الفشل

السيد الزرفي أمام إختبار التكليف: فرص النجاح وفرص الفشل

بقلم: د. جواد الهنداوي

الشرق اليوم- ليس فقط السيد الزرفي امام الاختبار الموصوف في العنوان ، و إنما العراق بأحزابه وكتله السياسية ، العراق بمرجعيته ، العراق بمؤسساته الدستورية ،والعراق بعلاقاته الإقليمية والدولية ،ايّ بعلاقاته الامريكية وبعلاقاته الايرانية هو امام الاختبار.

ما ذُكِرَ اعلاه من كيانات و مؤوسسات
هي ، في الحقيقة ، مراجع العمل و القرار السياسي في العراق : للأحزاب دور وللمرجعية دور وللأمريكيين دور و لإيران دور ، وللشعب النتيجة ،او كما نقول ” للشعب الصافي”.

محنة العراق في تأليف الحكومة تقتربُ في ارهاصاتها و مُددها الى نموذج تأليف الحكومة في اسرائيل : تكليف لمرشح يفشل في نيل ثقة البرلمان ،يُحلْ البرلمان ويُكلف من هو فائز في الانتخابات ،ثمَّ يفشل مرة أخرى في نيل ثقة البرلمان ،و يكّلف شخص آخر … نتنياهو ، و رغم الدعم الامريكي و الإنجازات التي حققها لاسرائيل على حساب مصالح العرب لم يفلح في نيل ثقة الأحزاب وتشكيل الحكومة.

ما هو مُراد قوله من الاستعانة بالمثل او بالنموذج الاسرائيلي هو انَّ قرار نجاح او فشل السيد الزرفي بيد الأحزاب والكتل السياسية . بالتأكيد لكل مراجع القرار السياسي في العراق ( الأحزاب ، المرجعيّة ،الإيرانيون ، الامريكان ) تأثير ، ولكن الفصل و الحسم هو في يوم الحساب ،تحت قبة مجلس النواب ، و قرار قبول او رفض السيد الزرفي يمّرُ بألف والف منعطفات و متغيرات حتى وصول ساعة الحساب.

لنحلل التأثير الخارجي (الامريكي و الإيراني ) على اختيار و عبور السيد الزرفي ، ولنضعْ جانباً موقف المرجعيّة الرشيدة ، والذي هو موقفاً ضمنياً و خفياً و يُعرف دون الحاجة لإعلانه ، ولا يصطدم مطلقاً مع ماتتخذه الأحزاب من قرار تحت قبّة البرلمان حتى وإنْ لم تكْ راضية عنه.

أمريكا ستدعم ترشيح السيد الزرفي ، فهو شخصية معروفة وبشكل جيد لديها ، و الدعم الامريكي سينشط في القنوات المكوناتية والسياسية والشعبية ( التظاهرات ) ، و تعّول عليه الكثير في استتاب الامن وفقاً للمفهوم الامريكي و في التملّص من تنفيذ قرار البرلمان العراقي في غلق القواعد الامريكية وانسحاب جنودها ، وسيصل الدعم الامريكي ذروته يوم الحساب ،ايّ يوم التصويت على حكومة السيد الزرفي ، في مدة ال٣٠ يوم الدستورية ، وسنراه من خلال تواجد النواب ، وعلى مختلف انتماءاتهم القومية والدينية في الحضور لجلسة التصويت . ومنْ الآن بدأت تغريدات متنوعة و مختلفة تتحدث عن قدرة و قوة السيد الزرفي في كسب موافقة الأخوة السنة والأخوة الكرد على التصويت لحكومته.

ايران لن تعارض ، وتحت شعار ، تردده دائماً بانها مع ما يختاره الشعب العراقي ممثلاً بنوابه ، ستعمل و كالعاده ، على التكيفّ مع الحالة و احتواءها ، كي لا تتضرر مصالحها الاستراتيجية في المنطقة و العراق . تدرك ايران جيداً بانَّ قادة العراق او مَنْ يحكم العراق ، وبمختلف مسمياتهم وانتماءاتهم ، فَهِموا بانّّ العراق هو جزء من الامن القومي الإيراني ، ويقولونها الإيرانيون علناً ، و امريكا تتعامل أيضا وفق هذا المعطى السياسي الاستراتيجي . الحرب العراقية الايرانية في ثمانينيات القرن الماضي أفرزت هذه المعادلة ، والحصار و احتلال العراق للكويت واحتلال امريكا للعراق، والإرهاب ،جميعها عوامل ساهمت في ترسيخ هذه المعادلة (العراق جزء من الامن القومي الإيراني) .

هي ليست معادلة تحكم العراق بايران ، وانما فُرضت بحكم الاستراتيجيات الدولية و الإقليمية ، والتي نُفذتْ على المنطقة او يخطط لها في المنطقة.

رئاسة الوزراء في العراق ليست ادراة فقط لشؤون و مصالح الشعب ، وانماّ هي أيضاً إدارة للمصالح الإقليمية و الدولية المتاقطعة او المتناقضة ، هي أيضاً عدم تجاوز للخطوط الحمراء المرسومة إقليماً و دولياً ، والقدرة الدبلوماسية للعراق تتجلى في احترام هذه الخطوط ، وفي إطار الحفاظ على كرامة و مكانة وهيبة و مصلحة الدولة و الشعب .

لن يستطيع السيد الزرفي تشكيل حكومة دون مراعاة لمشاركة الأحزاب والكتل السياسية في تأليفها.

وقد يكون هذا الشرط أهون الشروط التي سيواجهها السيد رئيس الوزراء مقارنة باستحقاقات أخرى : جزءٌ منها يُريح الجانب الإيراني وفي مقدمتها انسحاب الجيش الامريكي و قوات التحالف و إغلاق القواعد الامريكية ، وقسمٌ آخر يريح الجانب الامريكي و في مقدمتها حلّ الحشد الشعبي و منع التواصل الجغرافي العسكري السوري العراقي وضمان سلامة الجنود الامريكيين من رشقات الصواريخ التي أخذت طابع التكرار و الإضرار .
عبور السيد الزرفي عتبة البرلمان ونيله الثقة يتوقف على إرضاءهِ لمشاركة الأحزاب والكتل السياسية في تأليف الحكومة و موافقتهم على برنامجهِ .

نجاح السيد الزرفي في عمله ، وبعد تشكيل الحكومة ،سيتوقف على قدرته في إدارة تداعيات الاختلاف و التناقض الامريكي الإيراني في العراق و في المنطقة.

هل سيستطيع تبني سياسة مفادها : الحشد الشعبي كيان ضمن القوات العراقية المسلحة ، و ليس لإيران علاقة او مصلحة فيه ، وانَّ وجوده وتقويته مصلحة عراقية وتساهم في امن واستقرار العراق والمنطقة ، حتى وان كان تسليحه ايرانياً او روسياً؟.

هل سيستطيع إقناع الامريكيين بانَّ انسحابهم من العراق هو قرار سيادي عراقي ، ولن يتخذه العراق من اجل مصلحة ايران ، و انَّ لأمريكا تواجد عسكري بري وبحري وجوي في جميع دول المنطقة المحيطة في العراق و ايران، يمكن لها ان تعّول عليه في حالة الضرورة ؟

هل سيستطيع إقناع الامريكيين بتعاون اقتصادي وتجاري مُربح للطرفيّن ويغيّر الصورة العسكرية الحربية المعتدية عن امريكا في ذاكرة العراقيين ؟ .

من الخطأ الشائع على السنة سياسينا في العراق ، وحتى في وثائقنا وقراراتنا هو ” مطالبة امريكا بعدم تصفية حساباتها مع ايران على الساحة العراقية” !

هي ليست تصفية حسابات بينهما على الساحة العراقية ،هي استراتيجية امريكية اسرائيلية بعدم السماح ببناء العراق عسكرياً و اقتصادياًوحتى قيمياً.

نفترض قيام العراق غداً بتأسيس قوة عسكرية و بسمى حرس العراق و بدعم عسكري روسي تدريباً و سلاحاً ، لعارضته امريكا وسعت الى حلّه.

ألمْ يعارضوا الاتفاق الاقتصادي الصيني العراقي ، وهو اتفاق اقتصادي وليس عسكري و مع الصين وليس مع ايران .

ايران شماعّة امريكية كُلّما همّت امريكا ولمصلحة اسرائيل بابتزاز العرب وإضعافهم عسكرياً و اقتصادياً.

شاهد أيضاً

لقاء يجمع بين العامري والخزعلي

الشرق اليوم- استقبل رئيس تحالف نبني هادي العامري، في مكتبه ببغداد الأمين العام لحركة عصائب …