الرئيسية / الرئيسية / كورونا والمتنبي

كورونا والمتنبي

بقلم: حمزة مصطفى

الشرق اليوم- أصيب قبل أزيد من الف عام شاعر العربية الفذ أبوالطيب المتنبي بـ “نشلة خفيفة” فأصيب الشعر العربي بالحمّى. الزائرة الخجولة التي إشتكى منها أبو الطيب  “وزائرتي كأن بها حياء فليس تزور الإ في الظلام” خلعت في زماننا كل الأقنعة فالبستها إيانا. الكمامات وحدت العالم  شرقا وغربا من تشي جينغ الى ترمب, ومن ميركل الى ماكرون مرورا ببوريس جونسون. كورونا غيرت قواعد المصافحة لا الإشتباك فقط. الصينيون موطن الداء بالأقدام, والأميركيون المتهمون بالمؤامرة بـ “الكوع”.

أما نحن فضائعون بين الخوف  والفشلة. الخوف من هذا الزائر المتوحش الذي لايخجل حتى لو بذلنا له “المطارف والحشايا” على “كولة” المتنبي ليستوطن  في الرئة لا في العظام المقدور على علاجها. اما “الفشلة” فمن  موروث ثقيل حافل بكل أنواع المصافحات, باليد وهو الأهون, والكتف وهو الأعنف مرورا بالفم لمن يريد “يطوخ” بالمجاملة أو الخشم ومقرونة بكل مفردات التحبب على شاكلة “شلونك. شلونك بعد. بعد شلونك. العائلة شلونها. الجهال شلونهم. المرة شلونها. الوالد شلونه, بعد شلونه”.

ماذا لو كان المتنبي بيننا الان ونحن نعيش كل  هذا الهلع؟ ماذا لو كان معنا في العزيمة وصافح محمد العبدلي بدلا من سيف الدولة الحمداني؟ هل يخجل من قصيدته وهو يخاطب “نشلته” بكل أنواع التذلل والتحبب من قبيل “أبنت الدهر عندي كل بنت .. فكيف وصلت أنت من الزحام”. هل تعرف افلوانزا المتنبي أن لديه مشكلة مع كافور؟ بالمناسبة هل وقف القرن الرابع الهجري عاجزا عن تمليك شاعر بحجم المتنبي “وصلة كاع” يعلن نفسه عليها أميرا أو ربما ملكا؟ هل يعيد تركيب القصيدة التي كتبها في عالم مفتوح وقتذاك بلا حدود وبلا حجر صحي وهو يستعد لمغادرة مصر مع ناقته التي أبى الإ أن يشكك في ولائها له في بيت هو واحد من أجمل ما سطره هذا الشاعر العظيم “شيم الليالي أن تشكك ناقتي .. صدري بها أفضى أم البيداء؟”.

ما الذي يمكن أن يعيد المتنبي تركيبه من تلك القصيدة التي تمثل أول هجائية للأنفلونزا في وقته قبل أن تتطور في زماننا الى الطيور والخنازير وكورونا أو “كوفيد 19”. ماذا يمكن أن يقول بديلا لهذا البيت “إذا مافارقتني غسلتني.. كإنا عاكفان على حرام”. تعال وشوف يا أبا محسد ماذا حل بنا. اه لوتعرف أن كورونا منعت حتى الحلال. “مصافحة ماكو, لمس ماكو, قبل ماكو, ماكو قبل ماكو كورونا”. لو جئتنا يا شاعرنا الذي نفاخر به الأمم لوجدت  “حال الضيم حالنا” في وقت تبدو “نشتلك” رومانسية بحيث تغتسلان معا عند كل مواجهة ليليلة خصوصا إذا كانت في العظام.

شاهد أيضاً

لبنان- إسرائيل: لا عودة الى ما قبل “طوفان الأقصى”

بقلم: علي حمادة- النهار العربيالشرق اليوم– تسربت معلومات دبلوماسية غربية الى مسؤولين لبنانيين كبار تشير …