الرئيسية / مقالات رأي / سالة الأربعاء: التظاهر الهادف

سالة الأربعاء: التظاهر الهادف

بقلم: إبراهيم الجعفري

الشرق اليوم- التجمع البشري متأصل في وجدان الشعوب تحت أي عنوان من العناوين كعنوان العيد أو العبادة في الصلاة أو الفزع من الأخطار أو حب الاستطلاع عند المفاجئات.

ظاهر التجمع يجمع أعداداً من الناس وينطوي على تفاوت بينهم بالمشاعر ورغم تعدد المجتمعات لكن تظاهرها واحد سواء كان تجمع الغابة أو تجمع الصحراء أو تجمع القرية أو تجمع الهور، ما يجعل صورة التجمع متأصلةً بوجدان الانسان منذ الأزل وهو ما يعكس خلق الله تعالى: “يَا أَيّهَا النَّاس إنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَر وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِل لِتَعَارَفُوا إنَّ أَكْرَمكُمْ عِنْد اللَّه أَتْقَاكُمْ إنَّ اللَّه عَلِيم خَبِير”. من هنا كانت صورة البشرية كتجمعات واحدة رغم هوياتها المتعددة!! وأماكنها النائية!! وعاداتها المختلفة!! ومعتقداتها المتباينة! معنى التظاهر؟ [تَظَاهَرُوا : تجمَّعُوا ليعلنوا رضاهم أو سخطهم ، في أمرٍ يهمُّهم] والتظاهرة كحالة مجتمعي؛ حرية التعبير عن الرأي: حرية المواطن في التعبير عن افكاره وآرائه بالقول او الكتابة او التصوير او بأية وسيلة اخرى مناسبة بما لا يخل بالنظام العام أو الآداب العامة، فمفردة التظاهرة أضحت جزءاً حيوياً من المجتمعات المعاصرة باختلاف نظمها السياسية وتكاد تكون التظاهرات الجزء المكمل لأي نظام سياسي سواء كانت مؤيدة أم معارضة ويفترض أن يكون الشعب هو المستفيد منها للتعبير عن رأيه والمطالبة بحقوقه.

التظاهر السلمي.. والتظاهُرة: اسم مرَّة من تظاهرَ / تظاهرَ بخروج النَّاس إلى الشوارع مجتمعين تعبيرًا عن رأي أو احتجاجًا على فعل أو قول أو مطالبين بأمر يريدونه تظاهرة شعبيَّة / طلاّبيَّة.

لقد عادت التظاهرات سمةً عصريةً تحمل دلالات إنسانية في أهدافها وفي طرق التعبير عنها وانسجامها مع القانون والأعراف الاجتماعية السائدة، وهو ما يعني أنها والقانون ليستا في ضاد بل انهما يتكاملان بما يهدفان من تحقيق نتائج ويعتمدان من وسائل التعبير.. وارتبطت  التظاهرات بالأنظمة التي تحترم ارادة شعوبها وتحرص على معرفة ما تريده وما ترفضه وتتابع من خلالها ظواهر الفساد التي يعاني منها البلد كما تتحرى أفضل سبل العلاج وهي أي لتظاهرة بناء على ذلك لا تقع في سياق إضعاف وان كشفت عن ضعف الحكومة وهذا التمييز بين الدولة والحكومة في هذا المورد بدرجة عالية من الأهمية وهي وإن لا ترضي الحكومة كونها تساهم في بناء الدولة.. فقد تستهدف التظاهرة الإضعاف للحاكم والأضعف هو استهداف الحكومة ذلك، أن حجم الحكومة أكبر من حجم الحاكم وأما حجم الحكم أو الدولة فهو الأكبر من الحاكم والحكومة.

فمنظومة التظاهرة إذن تعبيرٌ عن مركّب فكري اجتماعي سياسي أخلاقي يسترعي الانتباه والرعاية وهو ما يشكّل نافذة اجتماعية واسعة معبرة بدقة عن وجدان الناس بما يعتقدون وما يعانون ويريدون مما يستدعي الحكم الوطني ان يحسب لها حساباً مسؤولاً ينظر لها بعين الرعاية على انها المكملة لبناء الدولة والحامية لها من كل تحدّي!

صحيح أنه لا يمكن اعتبار كلّ من يشارك فيها يحظى بالثقة والإخلاص خصوصاً حين تتخللها عمليات اعتداء تصل حد القتل كما لا يمكن اعتبار كل شعاراتها صحيحة بل قد يكون بعضها مدسوساً كما حصل في بعض شعارات التمجيد للدكتاتور المقبور، غير أن رفض اندساس الاعداء واختراق شعارات الفساد شيء ومصادرة مبدأ التظاهر وما يرد فيها من المطالب المشروعة شيء أخر.

شاهد أيضاً

الأمل المستحيل لإسرائيل

بقلم: عاطف الغمري – صحيفة الخليج الشرق اليوم- عندما يطرح مركز بحوث أمريكي مؤيد دائماً …