الرئيسية / الرئيسية / حذار من الإغراق.. يا عراق 1

حذار من الإغراق.. يا عراق 1

بقلم: أ.د. ضياء واجد المهندس

الجزء الأول:
 نفط ضائع.. و شعب جائع

الشرق اليوم- أظهر تقرير صادر عن منظمة “غلوبال وتنس” العالمية المعنية بالبيئة، أن تتسبب الولايات المتحدة بإغراق العالم بالنفط خلال العقد المقبل، وهو الأمر الذي من شأنه أن يكون بمثابة “الكارثة” بحسب وصف المنظمة بالنسبة للجهود العالمية لمكافحة التغيير المناخي. بالإضافة إلى تدمير التماسك الهش لمنظمة الدول المصدر للنفط (أوبك)، بسبب اختلال السوق النفطي وارتفاع حدة المضاربة فيه..

ووفقاً لموقع “oilprice.com”، فإنه من المرجّح أن تستحوذ الولايات المتحدة على 61% من إجمالي الإنتاج الجديد من النفط والغاز، خلال العقد المقبل، وهو الأمر الذي حذّرت منه “غلوبال وتنس”، على اعتبار أنه سيحدث آثاراً سيئة على التغيير المناخي، مؤكدة أن نتائج التحليل التي خلصت إليها تشير إلى عدم إمكانية تحمل المناخ للمزيد من أعمال الحفر للحقول الجديدة في أي مكان من العالم. خاصة وان معدل ارتفاع درجات الحرارة، وارتفاع معدل سقوط الأمطار، وازدياد ذوبان الجليد كلها تنذر بتهديد خطير على الحياة البشرية في المستقبل القريب.

وأشار تقرير “غلوبال وتنس” إلى أن الصناعة النفطية لا تشهد تباطؤاً في الولايات المتحدة، وذلك على الرغم من التخفيضات الأخيرة في الإنفاق من قبل شركات النفط والغاز المتعثرة مالياً.

ووفقاً لشركة “Rystad Energy”، فإن صناعة النفط العالمية تستعد لإعطاء الضوء الأخضر لتنفيذ مشاريع نفطية بحرية جديدة بقيمة 123 مليار دولار هذا العام، أي ما يقارب ضعف ما شهدته الصناعة خلال العام الماضي. وفي حين تباطأت عمليات التنقيب عن النفط الصخري قليلاً خلال العام الماضي، وسط شكوك المستثمرين وضعف العائدات المالية، فقد بدأت وتيرة مشروعات النفط البحرية في الارتفاع أخيراً. و قد تعاود مشاريع التنقيب والاستخراج النفط الصخري الى العمل في ظل تطور التقنيات التي قللت من كلف الاستخراج واصبح الانتاج والاستثمار فيها مجدي اقتصاديا اذا ما تم الحفاظ على سقف سعر النفط عند 50 دولار .

ورغم ذلك، فقد أشار تقرير “oilprice.com” إلى أن الاتجاه المتوقع قد يكون مجرد اشارات بسيطة، في الوقت الذي لا يزال من المرجح بحسب العديد من الخبراء أن تأخذ الولايات المتحدة في الحسبان الجزء الأكبر من عمليات الحفر الجديدة والغالبية العظمى من الإنتاج الجديد من النفط الصخري.

وأوضح التقرير، أن الولايات المتحدة تعتبر في الوقت الحالي أكبر منتج في العالم للنفط والغاز الطبيعي، مع تزايد وتيرة إنتاجها خلال السنوات الأخيرة.

ففي عام 2018 زاد إنتاج الولايات المتحدة من النفط والغاز بنسبة 12% و16% على التوالي، ووفقاً لوكالة الطاقة العالمية، فقد تفوّقت الولايات المتحدة على روسيا من حيث إنتاج الغاز في عام 2011 لتحتل المركز الأول، كما تجاوزت السعودية في إنتاج النفط خلال العام الماضي لتحتل المركز الاول.

ونظراً لأن الكثير من عمليات الحفر في أميركا تتركز في مناطق قليلة، فإن إنتاج ولاية تكساس سيكون بمثابة إنتاج دولة بحد ذاته، إذ إنه من المتوقع أن تساهم بأكبر حجم للإنتاج الجديد للنفط والغاز في العالم، حيث لفت التقرير إلى أنه بين عامي 2020 – 2029، يمكن أن تمثل تكساس 28% من إجمالي الإنتاج الإضافي.

في المقابل، ستستحوذ كل من كندا وولاية بنسلفانيا على المرتبة الثانية والثالثة من الإنتاج برصيد 7% لكل منهما، ثم تأتي نيو مكسيكو بنسبة 5% من النمو، ونورث داكوتا بنسبة 4%، في الوقت الذي ستستحوذ فيه كل من أوكلاهوما، والبرازيل، وكولورادو، وروسيا، وأوهايو على نسبة 3%.

بمعنى آخر، فإن 7 من بين أكبر 10 مصادر لإنتاج النفط والغاز على مستوى العالم خلال العقد المقبل ستكون ولايات أميركية.

وقالت “غلوبال وتنس” في تقريرها، إذا لم تتغير الأمور بحلول نهاية العقد المقبل، ستنتج حقول النفط والغاز الجديدة في الولايات المتحدة أكثر من ضعف ما تنتجه السعودية اليوم، و 6 اضعاف ما يتوقع ان  ينتجه العراق في 2020 ، وهذا يمثل تحدياً هائلاً لكافة منتجي ومصدري النفط حول العالم، ومنهم الدول الخليجية، مبيّنة أنه لتجنب أسوأ آثار لتغير المناخ، فإن الإنتاج العالمي للنفط والغاز يحتاج إلى انخفاض بنسبة 40%  خلال العقد المقبل.

لكن بدلاً من الانخفاض، من المقرر أن يرتفع إنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة بنسبة 25% خلال هذا الوقت، مدفوعاً بالتوسّع في حقول جديدة. لهذا السبب، و دون ادخال الاسراف في الانفاق الحكومي و تبديد المال العام للمخصصات الاجتماعية في الحسبان ، فانه من المتوقع ان يكون العجز في موازنة العراق في 2020 تتجاوز  100 ترليون دينار.

تشير توقعات لبنك ج ب موركن أن النفط سيهبط بشدة عام 2020، ولو انخفض السعر إلى ما دون الخمسين دولار، فإن عجز الموازنة قد يصل إلى أكثر من 100 ترليون دينار.

هذا العجز لا يستطيع الاحتياطي النقدي تغطيته بأي حال من الأحوال الذي بدا يهتز مع استمرار مزاد العملة، عندها سيكون الاقتصاد العراقي على حافة الانهيار.

 عندما يخفض سعر النفط أكثر لما دون ال45 دولار، فإن العراق سيسقط في الهاوية، وان كثير من الخبراء يضع معدل اسعار النفط ال ٤٠ دولار هو سعر الاكثر ثباتا “أو تأرجحا”، لأن دونه يبدا استخراج و انتاج النفط الصخري يصبح ضمن حدود الربح الصفري..

بسبب التزام العراق بحصته في الاوبك وتصدير الإقليم كمية من النفط عبر جهان التركي تصل إلى 550 الف برميل يوميا، فان الاقتصاد العراقي سيتعرض إلى اعصار اذا لم يتخذه ساسته اجراءات حازمة ، تشمل محاربة الفساد، و الحد من المافيات الاقتصادية المستهلكة للعملة الصعبة و ثرواته.

لهذا السبب اضطر العراق ان يخفض تصديره من الجنوب حوالي 400 ألف برميل يوميا وهذا ما صرح وزير النفط في منتدى سانتسبيرغ.

الآن وبعد أن اتفق الإقليم مع شركة روس نفط على رفع الطاقة التقديرية للخط عبر تركيا إلى أكثر من مليون برميل يوميا، وهذا ما صرح به الرئيس التنفيذي لروس نفط في ذات المنتدى، فان العراق لا يجد نفسه الا بمواجهة سقف اوبك والتزاماته … أن وزارة النفط يجب أن تخفض من إنتاج الجنوب 400 ألف برميل يوميا، ليصبح مجموع ما تخفضه الوزارة ٨٠٠ الف برميل يوميا بسبب تمادي الإقليم، و لتحقيق حصة اوبك المقررة..

ستكون وزارة النفط ملزمة بتخفيض قدره 800 ألف برميل يوميا بسبب تمادي الإقليم بالتصدير على حساب المركز في غضون سنة، و بعد اغراق السوق النفطي من قبل امريكا ، سيجد العراق نفسه مساهما بإغراق السوق النفطي والخروج من سلة حصص اوبك لتوفير عوائد مالية لتغطية الموازنة ، و سيزداد العجز في الثلاث سنوات اللاحقة والذي يتوقع ان يصل الى ٢٥٠ ترليون دينار ، في ظل مؤشرات لركود اقتصادي عالمي .

على ضوء الخارطة السياسية العراقية، فان فجوة الخلاف بين المركز و الإقليم ستتسع، لان الاقليم سيرفع من صادراته النفطية الى اكثر من   مليون برميل يوميا” ولا تعود وارادتها الى خزينة الدولة.، وهذا ما سيؤثر على استلام الإقليم لمستحقاته بالميزانية، وسندخل من جديد في لعبة (جر الحبل ) بين المركز والاقليم  .

شاهد أيضاً

ماذا حصل دبلوماسيّاً حتى تدحرج الوضع مجدداً على الجبهة اللبنانيّة – الإسرائيليّة؟

بقلم: فارس خشان- النهار العربيالشرق اليوم– بين 15 آذار (مارس) الجاري و23 منه، انخفض مستوى …