الرئيسية / الرئيسية / رصاصة أولى في قلب المحاصصة

رصاصة أولى في قلب المحاصصة

بقلم: سلام سرحان

الشرق اليوم- رغم أن الشباب المنتفض في العراق، تمكن من تنظيف الهوية الوطنية وإعادة الحياة إليها، إلا أنه لم يوجه، حتى الآن، أي رصاصة قاتلة إلى قلب نظام المحاصصة وأركانها الراسخة، واكتفى بمناوشات ومعارك على هوامشها.

الضربة الرمزية المؤثرة، تكمن في محاولة خلخلة الأركان الأساسية، وهي توزيع المناصب الثلاثة العليا في هرم الدولة، ومن دونها لن نخرج من المحاصصة الطائفية والقومية على الإطلاق.

قد يبدو اقتراح اسم غير شيعي لرئاسة الحكومة من قبل ساحات الاحتجاجات في العراق، مجرد حركة عبثية لن يُكتب لها النجاح، لكن تأملها بعناية يؤكد أنها يمكن أن تكون رصاصة رمزية كبيرة في قلب نظام المحاصصة، وفي جذر العلة القاتلة وليس في هوامشها.

ينبغي أن ندرك أن العراق لن يخرج من تلك الحفرة، حتى إذا نجحت الانتفاضة في إيصال رئيس وزراء نزيه ومستقل وشجاع، وتمكن، بدوره، من اختيار شخصيات كفوءة ومستقلة لتشكيل الحكومة، ما دام كونه شيعيا يمثل أمرا أساسيا وحتميا في اختياره للمنصب.

وسوف تبقى توازنات فايروس المحاصصة في الظل، حتى لو دخلت في سبات مؤقت، وستعود للفتك مرة أخرى في أقرب ارتباك في عمل الحكومة.

ليس هناك أدنى شك في أن جوهر الاحتجاجات ومطلبها الأساسي هو الوصول إلى دولة المواطنة المتساوية للجميع، لكنها، للأسف، لم تفعل الكثير ولم تستخدم أفضل أسلحتها لتحقيق ذلك الغرض، أو إطلاق شرارته على الأقل. مجرد اقتراح أسماء غير شيعية، حتى لو كانت ساحات الاحتجاج تدرك استحالة وصولها إلى رئاسة الحكومة، سوف يثير الكثير من الأسئلة ويفتح الباب لنوع جديد من الارتباك في صفوف الطبقة السياسية الفاسدة.

وسوف يجبر الأحزاب الطائفية والقومية على الكشف عن أسلحتها القذرة، بدل أن نواصل الاستماع إلى أكثر الطائفيين والفاسدين إجراما وهم يلعنون المحاصصة ويطالبون بالقضاء عليها وكأنّهم لا علاقة لهم بها.

طرح أسماء غير شيعية لرئاسة الحكومة سيؤدي ذلك إلى إثارة ذعر الأحزاب الطائفية الشيعية وكذلك الطبقة السياسية الكردية والسنية، وسيؤدي إلى الكشف عن مواقفهم الصريحة حين تسقط ادعاءاتهم ويندفعون للقتال دفاعا عن المحاصصة، وبذلك تسقط جميع الأقنعة.

هي مجرد عملية رمزية لا تكلف المحتجين العراقيين أي ثمن، يتم فيها رفع أسماء شخصيات غير شيعية لتولي رئاسة الحكومة، ويمكن أن تطلق شرارة إنهاء عهد المحاصصة، وتفتح الأبواب لخروج البلاد من هذه الحفرة العميقة.

يمكن أن تكون الصدمة الإيجابية أكبر، إذا تم اقتراح أسماء شخصيات من الأقليات الصغيرة من الخارطة الواسعة للمسيحيين واليزيديين والصابئة والشبك والتركمان وغيرهم من العراقيين.

ويمكن تعميق الأسئلة إذا تم طرح شخصيات من النساء، مثل الناشطة المدنية الشجاعة هناء أدور، أو الشخصية الوطنية سلوى زكو، وغيرهما كثيرات، مهما كانت إمكانية نجاحهن معدومة.

إذا كانت تلك المقترحات مثيرة لليأس والسخرية من قبل البعض، فيمكن رفع أسماء شخصيات كردية أو سنية، لكي يتم توجيه ضربة رمزية إلى أركان نظام المحاصصة الكبرى. ولا يعود من المسلّم به أن تكون المناصب الثلاثة حكرا على أقلية معينة.

ينبغي أن تدرك ساحات الاحتجاج أن رسوخ محاصصة رئاسة الحكومة والجمهورية والبرلمان بين الشيعة والأكراد والسنة، هي القلعة الأولى والأخيرة لمنظومة الخراب والفساد والقتل، التي دمرت البلاد، وأن عدم توجيه السهام إليها سيبقي العراق في دوامة الخراب.

شاهد أيضاً

بعد تقديم التعازي في إيران.. رئيس الجمهورية العراقية يعود إلى البلاد

الشرق اليوم- وصل رئيس الجمهورية العراقية عبد اللطيف رشيد، مساء أمس السبت، إلى البلاد بعد …