الرئيسية / الرئيسية / أراد اﻟﻌراﻗﯾون إﺳﻘﺎط اﻟﻧظﺎم ﻓﺳﻘطت اﻟﻣﺣرﻣﺎت

أراد اﻟﻌراﻗﯾون إﺳﻘﺎط اﻟﻧظﺎم ﻓﺳﻘطت اﻟﻣﺣرﻣﺎت

الشرق اليوم- اﻟﺳﺧرﯾﺔ ﻣن رﺟﺎل اﻟدﯾن، اﻟوﻗوع ﻓﻲ اﻟﺣب ﻓﻲ اﻟﻣظﺎھرات، إﺻﻼح اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣﻧﮭﺎر: ﺣﺗﻰ ﻟو ﻓﺷل اﻟﻣﺗظﺎھرون اﻟﺷﺑﺎب ﻓﻲ اﻟﻌراق ﻓﻲ اﻹطﺎﺣﺔ ﺑﺎﻟﺳﯾﺎﺳﯾﯾن، ﻓﺈﻧﮭم ﻧﺟﺣوا ﻓﻲ ﻛﺳر اﻟﻣﺣرﻣﺎت اﻟﻣﺗﺟذرة ﻣﻧذ ﻋﺷرات اﻟﺳﻧوات.

منذ أكتوبر الماضي، ھزت البلاد التي یبلغ عدد سكانھا 40 ملیون نسمة حركة شعبیة ھائلة لدیھا أھداف كبیرة:

القضاء على الفساد، وإنھاء الأحزاب الطائفیة غیر الخاضعة للمساءلة، والخروج من سیطرة الجارة إیران.اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺳﺎد، وإﻧﮭﺎء اﻷﺣزاب اﻟطﺎﺋﻔﯾﺔ ﻏﯾر اﻟﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻠﻣﺳﺎءﻟﺔ، واﻟﺧروج ﻣن ﺳﯾطرة اﻟﺟﺎرة إﯾران.

اﺳﺗﻘﺎل رﺋﯾس الوزراء ﻋﺎدل ﻋﺑد اﻟﻣﮭدي ﻓﻲ ﺷﮭر دﯾﺳﻣﺑر، ﻟﯾﺣل ﻣﺣﻠﮫ اﻟوزﯾر اﻟﺳﺎﺑق ﻣﺣﻣد ﻋﻼوي اﻟذي وﺻﻔﮫ اﻟﻣﺗظﺎھرون ﺑﺄﻧﮫ ﻣﻘرب ﺟدًا ﻣن اﻟﻧﺧﺑﺔ اﻟﺣﺎﻛﻣﺔ.

ﻟﻛن ﻣﺎ ﻟم ﯾﺗﻣﻛن اﻟﻣﺗظﺎھرون ﺣﺗﻰ اﻵن ﻣن اﻟﻔوز فيه ﺳﯾﺎﺳﯾﺎً ﻋوﺿوه ﺑﺗﻐﯾﯾر اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ، إذ ﯾﻘول ﻋﻠﻲ ﺧرﯾﺑﯾت، “ﻟﻘد ﺳﺟﻠﻧﺎ ھدﻓًﺎ واﺣدًا ﺑﺈﺳﻘﺎط اﻟﺣﻛوﻣﺔ، ﻟﻛﻧﻧﺎ ﺣﻘﻘﻧﺎ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ”.

كاد علي لا يصدّق عندما أعلن صديقه فجأة أمام متظاهرين في بغداد خطوبته على فتاة تعرّف عليها خلال الاحتجاجات التي، إن عجزت حتى الآن عن إحداث تغيير سياسي كبير، لكنّها نجحت في كسر محرمات اجتماعية عدة.

ويرى علي خريبيط (28 عاما) الذي حضر حفل الخطوبة العفوي، أنّ المتظاهرين سجّلوا “هدفا واحدا” في مرمى السلطة مع استقالة حكومة عادل عبد المهدي. لكن تمّ تكليف شخصية من النظام نفسه بتشكيل حكومة جديدة. لكن اجتماعيا “حققنا الكثير”.

في المجتمع المحافظ الذي تسيطر عليه الى حد كبير أحزاب دينية، أحدثت مشاركة النساء إلى جانب الرجال في التظاهرات، وهتاف المحتجين ضد سياسيين بينهم رجال دين، صدمة بين العراقيين الذين لم يكن من الممكن أن يتصوّروا ذلك قبل احتجاجات تشرين الأول/اكتوبر.

وغصّت ساحات الاعتصام خلال الأشهر الماضية بنساء تظاهرن وأسعفن مصابين وكتبن على الجدران ورسمن وشوما على أكتاف وأذرع الشبان وشاركن في حلقات نقاش وحلقات موسيقية.

وتردّدت عبارات “إلغاء الطبقية” و”إزالة الفوارق” على ألسنة المحتجين وفي وسائل التواصل الاجتماعي، وانتشرت صور الشبان والشابات من مختلف الفئات الاجتماعية وهم يسيرون جنبا إلى جنب ويذرفون الدموع معا بعد فقدان زملاء لهم في مواجهات قتل فيها المئات.

ويلخّص أحد مستخدمي “تويتر” واقع التظاهرات في بغداد بالقول “ساحة التحرير تجعلنا نحلم”، وذلك تعليقا على وقوع صديقه، سائق عربة التوك التوك، في حب مسعفة تنتمي الى عائلة مرموقة.

غيبوبة العنف

واندلعت التظاهرات احتجاجا على الفساد والبطالة في بلد غني بالنفط يعاني نحو 20 بالمئة من سكانه من الفقر بعد عقود من الحروب والاضطرابات. فقد دخل العراق بعيد وصول صدام حسين الى السلطة عام 1979، نفقا طويلا من النزاعات التي عزلته عن العالم ودفعت بالآف من جامعييه ومفكّريه الى الهجرة.

ويعتبر عراقيون الفترة الممتدة بين إعلان الانتصار على تنظيم الدولة الاسلامية نهاية 2017 وانطلاق التظاهرات، مفصلية في حياتهم كونها أتاحت لهم فرصة اختبار العيش في ظل استقرار نسبي للمرة الاولى منذ أربعة عقود.

وبحسب أحمد الحداد (32 عاما)، فإنّ دوامة العنف أدخلت “الجيل الشاب في غيبوبة لسنوات طويلة، لكن الاستقرار فتح أعينهم على حقيقة أن هناك أكثر من النجاة من الموت، كالعيش بكرامة في مجتمع مدني، وكسر التزمت الاجتماعي، ووقف سطوة الأحزاب الدينية”.

ولم يكن العراق مرادفا للتشدد دوما. غير أنّ الثورة في الجارة إيران عام 1979، والقمع في الداخل حيث لم يكن يحق للمواطنين حتى امتلاك جهاز بث فضائي، ثم الحروب المذهبية والتطرف، دفعت شريحة واسعة من البلاد نحو التزمت، بحسب متابعين.

وغالبا ما ينشر عراقيون على وسائل التواصل الاجتماعي صورا للجامعات العراقية وأماكن العمل خلال سبعينات القرن الماضي تظهر فيها نساء يرتدين ملابس متحرّرة برفقة رجال.

– متحضر لا رجعي-

عندما ھزم العراق تنظیم الدولة الإسلامیة في عام 2017 بعد سنوات من القتال والنزوح، توقع الكثیرون عودة السلام والازدھار الذین طال انتظارھما. وقال المتظاھر أحمد حداد (32 عام) “كان جیل الشباب في غیبوبة لسنوات عدیدة، لكن الاستقرار فتح أعینھم على الحقیقة: ھنالك في الحياة ة ما ھو أكثر من مجرد البقاء على قید الحیاة”، وأضاف “ھناك العیش بكرامة في مجتمع مدني، وھناك كسر الأعراف المحافظة، وھناك إرخاء قبضة الأحزاب الدینیة.

لكن بدلاً من العودة إلى الوضع الطبیعي تدریجیا كانت الانتفاضة ً المفاجئة ھي التي غیّرت العراق. وفتحت التظاهرات الأخيرة الباب أمام ما يشبه الانقلاب الاجتماعي، خصوصا في مدن الجنوب الزراعي المحافظة ذات الغالبية الشيعية.

في الديوانية (200 كلم جنوب بغداد)، لم تتخيّل المرشدة التربوية هيّام شايع طوال أعوامها الخمسين أن تكون قادرة يوما على الاختلاط والتعبير عن رأيها في مدينة قلّما تُشاهد فيها المرأة خارج المنزل.

وتقول شايع وهي تقف بالقرب من متظاهرين مرتدية عباءتها الجنوبية السوداء “تغيّر قضايا اجتماعية كثيرة بشكل مفاجئ وكبير”.

بالنسبة لها، فإن المتظاهرين الذين قتلوا في حملة قمع أودت بحياة 550 شخصا، ضحّوا “من أجل وطن متحضر ومدني، لا متخلّف ورجعي”.

ولم تأت هذه التغييرات دون مقاومة من سياسيين وحتى مواطنين هاجموا مسألة الاختلاط، واتّهموا المتظاهرين بتعاطي المخدرات وشرب الكحول.

وكتب أحد مستخدمي تويتر “لم تسل دماء الشهداء من أجل السفور وقلّة الحشمة. هذه قلة وعي وليست ثقافة”.

إلى جانب مسألة الاختلاط، منح الزخم الكبير عند بداية التظاهرات الشبان الجرأة على انتقاد السلطة ورجال دين وشخصيات أثارت الرهبة لسنوات طويلة. وبينها الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الذي وُوجه بسيل من الانتقادات على خلفية موقفه المتقلّب من الاحتجاجات.

ولكن سرعان ما نظمت النساء مظاھرة سخرن فیھا من الصدر الذي كان لا یمكن المساس به لتاریخه العنیف كزعیم لمیلیشیا لدیھا أتباع شرسون، وفي الأیام الأولى للاحتجاجات، رمت الحشود الغاضبة الأحذیة على صور قادة المیلیشیات والجنرال الإیراني قاسم سلیماني الذي كان لدیھ نفوذ ھائل في بغداد ولم یسبق أن انتقد علناً من قبل. وقد قتل سلیماني لاحقا في غارة أمریكیة.

كما خرج المتظاھرون أیضا ضد نظام “المحاصصة”، وھو النظام الطائفي لتقاسم السلطة الذي یحكم العراق بعد صدام، فلیس ھناك سوى القلیل من المتظاھرین في عمر یسمح لھم ّ بتذكر نظام صدام، إذ أن 60 في المئة من السكان تحت سن 25 ، وبالتالي ھم یلومون الكبار على انزلاق العراق إلى ھذه السیاسات المضطربة.

ویقول الباحث العراقي خالد حمزة إن المظاھرات كشفت عن وجود “شرخ كبیر” بين الجیلین”، وأضاف حمزة، وھو في الستینیات من العمر “نحن في خضم حركة عفویة ُ یقوم بھا مجموعو من الشباب الذین لم یكن متوقعا أن یتولوا تحقیق ما لم یتمكن جیلنا من تحقیقه”.

-ماذا الآن-

شجّعت التظاهرات كذلك شخصيات على الدعوة الى إنهاء نظام المحاصصة بين المذاهب الذي ولد بعيد سقوط نظام صدام حسين، ومن بينهم لاعب كرة القدم السابق عدنان درجال الذي طالب بعدم “اعتماد الطائفية والمناطقية” في اللعبة الأكثر شعبية.

ووفقا لخالد حمزة، وهو مدير مركز أبحاث في بغداد، فإن الاحتجاجات قادت أيضا إلى إنهاء “قطيعة كبيرة” بين جيل قديم عايش الحروب والحصار، وجيل شاب يستعجل التغيير والتقدّم في بلد تبلغ فيه نسبة الشباب الذين تقل أعمارهم عن 25 سنة حوالى 60 بالمئة من 40 مليون نسمة.

ويقول الرجل الستيني “نحن بصدد حراك تلقائي (…) من شريحة من الشباب لم يُتوقع سابقا أن تنهض بهكذا مسؤولية (…) لتنجز مهاما كانت أجيالنا غير قادرة على إنجازها”.

أمّا هبة التي شاركت في تظاهرات البصرة في أقصى الجنوب، فتعتبر أنّ الاحتجاجات نقطة تحوّل اجتماعي.

وتقول الشابة وقد غطت نصف وجهها بوشاح خشية التعرّف عليها وملاحقتها، إنّ الحركة الاحتجاجية “قوّت شخصيتنا وجعلتنا نميّز بين الصح والخطأ ونطالب بحقوقنا”.

ومع تراجع زخم التظاهرات في الأسابيع الأخيرة، يقف المحتجون عند مفترق طرق.

ويرى محمد العجيل أن الوقت الآن هو للعمل على تحقيق “الوحدة تحت مظلّة رؤية جديدة وخطة تستجيب لاحتياجات العراقيين”، وإن تطلب ذلك “سنوات”.

ويضيف “ما يحصل كبير جدا، لكنه في الوقت ذاته جديد علينا. لا يمكن أن نتوقع أن يحدث كل شيء بين ليلة وضحاها، بل قد یستغرق ذلك سنوات”.

شاهد أيضاً

محسن المندلاوي يشارك في تشييع الرئيس الإيراني الراحل

الشرق اليوم– شارك رئيس مجلس النواب بالنيابة، محسن المندلاوي، في مراسم تشييع الرئيس الإيراني الراحل …