الرئيسية / مقالات رأي / رسالة الاثنين: الإنسان والموقع

رسالة الاثنين: الإنسان والموقع

بقلم: إبراهيم الجعفري

الشرق اليوم- لكل انسان موقعه الاجتماعي والسياسي والإداري والقبلي والعائلي ويفترض فيه أن يكون هو الأكبر من هذه المواقع حتى يستخدمها كيف يشاء للصالح العام واذا ما تحكّمت فيه مبادئه سيتحكم هو بالموقع وسينتفع منه الناس لأنهم هم الهدف أما اذا نظر للموقع وكأنه الهدف الأكبر فسيكون مستعداً لبذل كلّ شيء من أجله وحتى يصادر كرامة مواطنيه وينتهك حرمة المبادئ والقيم! وحين يكون كذلك فلا يتردد وبسبب الفرق الموضوعي بينه وبين غيره أن يتحايل على الاخرين وقد يستخدم الأساليب الفاسدة كتزوير شهادة!! أو تآمرٍ على الأكفأ منه!! أو شراء ذمم الاخرين!! أو الارتماء في أحضان الأعداء!! وغيرها مما يوصله الى الموقع الذي يريد مع أنه لا يجدر به!! فهي من وسائل الفساد التي لا يقرّها العقل ويحرّمها الشرع ويرفضها العرف السليم فتراتبيات الكفاءة والنزاهة ترسم خارطة بناء المجتمع وتسود جرّاءها قيم الخير وتعمّ بالفائدة على الجميع..

السر في ذلك هو التوافر على الكفاءة من جانب والأمانة من الجانب الاخر ما أورده القران الكريم على لسان بنت نبي الله شعيب (ع) “قَالَتْ إحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إنَّ خَيْر مَنْ اسْتَأْجَرْت الْقَوِيّ الْأَمِين”.. ليبقى مفهوما القوة والأمانة معيارين أساسيين بالتفاضل في حقول التنافس كافة مما تدرّ بالخير العميم على كلّ ابناء المجتمع..

فالموقع بناءً على هذا لا يكون هدفاً بل

نتيجة طبيعية لما يحمله المتصدي من عناصر القدرة على العطاء وما يتحلّى به من عناصر النزاهة.. ولنا ان نتصوّر حجم الاضرار التي لحقت بكل حقول التصدي بسبب ضعف الكفاءة والأشد ضرراً من ذلك بسبب غياب النزاهة! فالسرقات والتزوير وشراء الذمم والتآمر على الأكفأ مما غصّت به أجواء التنافس سواء كانت في مجال السوق الاقتصادية أو الأخطر منه بمجال التصدي الاجتماعي عموماً والمجال السياسي خاصة!

إشاعة ثقافة “الاكفأ والـ أأمن” غير أن تكون ثقافة “ادعاء الكفاءة والأمانة” ما ثبّته القران الكريم.. “خِتَامه مِسْك وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ”.. باب التنافس يبقى مفتوحاً ما دام يكشف عمّن هو الاكفأ والـ أأمن من دون إلحاق الضرر بالأخرين.. وهو ما ينشر ظل “المحبة” أو على الأقل “الاحترام” في أوساط التنافس ويقطع عنها طرق التحايل والفساد!!..

الكارثة التي تصيب عالم اليوم بأوساط التنافس هي استباحة التزوير والفساد وتفشي ذلك بأوساط السوق والسياسة وحتى وسط العلم ولم تسلم منها حتى مجالات التنافس الرياضي والفني مما جعل استعمال الهورمونات بالسر مبرراً لتحقيق الفوز!!..

الأمم التي تمسّكت بقيم الأمانة ومعايير الكفاءة استطاعت الوصول لأفضل ما تريد وتجعل من العدالة سمةً بارزةً في حياتها ولا يختلف أيُّ نظام اجتماعي في العالم من الناحية النظرية على أهمية تجسيد العدالة بين المواطنين ورفض أيّ نوع من انواع الظلم!! وهو ما يجعله أيّ “رفض الظلم” همّاً مشتركاً لا يختلف عليه أحد كما لا يختلف على “مطالبة العدل” أحد من هنا كانت إقامة العدل من مقولة “الحسن العقلي” وتفشّي الظلم من مقولة “القبح العقلي” وهما مما أكدهما الشرع المقدس..

نظرةٌ موضوعيةٌ لما حلّ بالعالم من شتى انواع الويلات والحروب تكشف بما لا يدع مجالاً للشك من أنه وبما خسر من ملايين البشر وأبشع الصور كما في الحربين العالميتين الاولى والثانية في القرن العشرين وما يعاني من الحروب الجارية فعلاً في القرن الواحد والعشرين ولئن انتهت مدّة تلك الحروب التقليدية

لكنها انجبت ثقافة “حكم اللصوص” أو ما يسمى بالـ “كليبتوقراطية” وهي شائعة

بالكثير من دول العالم!

بمقدار ما اكتوت فيه شعوب العالم من نيران الظلم والفساد بدأت تتطلع الى المنقذ الذي يأخذ بأيديها إلى شواطئ الامن والعدالة والاستقرار وأنها تتحمل مسؤولية الحراك الرافض للظلم بأنواعه المختلفة والمتطلع للبديل العادل الذي لا خيار غيره.

شاهد أيضاً

بأية حال تعود الانتخابات في أمريكا!

بقلم: سمير التقي – النهار العربي الشرق اليوم- كل ثلاثة او أربعة عقود، وفي سياق …