الرئيسية / أخبار العراق / سياسو الوتساب … التنظير بعد الفشل

سياسو الوتساب … التنظير بعد الفشل

بقلم: مهند حبيب السماوي

الشرق اليوم- تُعد مجموعات تطبيق التراسل الفوري الأشهر الواتساب إحدى أهم المزايا والخصائص التي جعلت الملايين من الناس يقضون عدة ساعات أسبوعيا وهم يتصفحون هذه المجموعات التي وصل عدد مستخدمي تطبيقها إلى 2 مليار مستخدم  بحسب آخر الإحصائيات الرسمية.

وبدون أدنى شك أن مجموعات الواتساب في العراق قد أمست إحدى أهم واحات الحوار وملتقيات الجدال ومراكز النقاش في شتى المواضيع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتقنية، بالإضافة إلى الأخبار الصحفية الذي أصبح الكثير من الأشخاص يبحثون عنها في هذه المجموعات بدلا من الوكالات والصحف الرسمية.

إن مجموعات الواتساب ومايجري فيها من نقاشات ومايُطرح فيها من آراء وما يتم نشره فيها من أخبار، هي ظاهرة تستحق البحث والدراسة بتأمل خصوصا في بلدان الشرق الأوسط التي كان ولايزال العديد من دولها  يُعاني من خنق حريته وقمع صوته فيما يتعلق بالقضايا الكبرى المتعلقة بالسياسة.

فالحوارات السياسية والمناقشات بين الفرقاء ومواجهة بعضهم البعض في فضاء الواتساب وبصورة مباشرة وبشكل صريح تعتبر تمرينا حقيقيا على الديمقراطية التي يفهمها الكثير في دول الشرق الأوسط بأنها مجرد صندوق انتخابي، متناسين بأن حرية التعبير وإبداء الرأي وإطلاق عنان التفكير من غير أية ضغوط أو ترهيب هي إحدى أهم ركائزها وأعمدتها الرئيسية.

إن الحديث التفصيلي عما يجري في هذه المجموعات متعدد الأوجه ومتشعب الجهات، ويحتاج لعدة مقالات قد نخصصها مستقبلا لتناول أنشطة هذه المجموعات … أو تنوع اهدافها … او نمط الحوارات … أو حتى مستوى ثقافة السياسيين وأسلوب نقاشهم وماذا كشفت لنا عنهم … الى غير ذلك من الموضوعات.

ومما يلفت الانتباه في مجموعات الواتساب العراقية هو ما تشهده من أطروحات ونظريات وتحليلات ونصائح وصور ” تغريدات ”  يُقدمها بعض السياسيين للأعضاء الأخرين وبصورة مكررة لدرجة بات يصف الكثير من الاعضاء بعض من هؤلاء السياسيين بالمنظرين في هذا المجال !

في هذه المجموعات تجد بعض السياسيين، ممن يقضون فترة طويلة فيها، يقدمون ارشادات ونصائح للحكومة والسياسيين الحاليين الذين لديهم مناصب، ويحاولون تعليمهم كيفية إدارة الوزارة او المؤسسة، وعوامل نجاحها، بل إن بعضهم ينتقد البيروقراطية والفساد المستشري في دوائر الدولة ومؤسساتها وهياكلها بكل قوة ويُقدم حلولا لحل هذا الفساد ومواجهة البيروقراطية.

هذه النماذج السياسية تنقسم، من وجهة نظري، إلى 3 أصناف :

الأول: سياسيون يحاولون تقديم تصوراتهم وافكارهم عن بناء الدولة ومحاربة الفساد وتخطي اسباب الفشل ولم يسبق لهم العمل بالدولة، أو أنهم كانوا في مناصب معينة لكن لم تؤشر عليهم علامات فساد.

الثاني: سياسيون كانت لديهم مناصب ومسؤوليات تنفيذية في وزارة أو مؤسسة، ولم يقدموا أي شيء يستحق الذكر، فلم يحاربوا الفساد أو يواجهوا البيروقراطية أو يقضوا على الروتين الذي يستشري في الدوائر.

الثالث: سياسيون متهمون بالفساد والصفقات التجارية ومُلطخة أيديهم بلعنة أموال الشعب العراقي المنهوبة على أيديهم وبمساعدة كتلهم السياسية.

الأنكى من ذلك أن بعض من هؤلاء (وهم الصنف الثاني والثالث حصريا) ممن صدعوا رؤوسنا بالتنظير، قد خرج من منصبه بفضائح أو اتهامات بفساد إداري ومالي أو غيره من أنواع الفساد، ومع كل هذا، أو بالرغم من كل ذلك، تقوم هذه النماذج بالتنظير ، بكل صلافة، في المجموعات عن بناء الدولة وطرق محاربة الفساد وكيفية التصدي له او كيفية نجاح المسؤول في عمله.

شخصيا، وبصدق واخلاص، أتمنى من الذي تسنم سابقا منصبا تنفيذيا في اي مؤسسة حكومية وفشل فيها، أو كان سياسيا مشهورا بفساده او صفقاته، نصيحتي له أن يصمت ولا يمارس التنظير في مجموعات الواتساب، فالصمت ممكن أن يجعل الناس تنسى مافعله وما قام به حينما كان مسؤولا ولم يقم بأي خطوة عملية تتساوق مع مايكتبه الان نظريا .

مجموعات الواتساب مليئة بهذه النماذج من السياسيين سواء من كان مسؤولا سابقا أو من لم يكن لديه منصب لكنه ” عرّاب ” صفقات وتجارة سياسية، ولولا المجاملات لما تم السماح لهم بالتنظير حول القضايا التي فشلوا هم أصلا فيها حينما كانوا في مركز القرار التنفيذي.

شاهد أيضاً

رئيس مجلس الوزراء العراقي يستقبل أعضاء كتلة الصدارة البرلمانية

الشرق اليوم– التقى رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، مساء أمس الأربعاء، أعضاء كتلة …