الرئيسية / الرئيسية / تحليل: استثمار اعتراف الحكومة العراقية بالهزيمة

تحليل: استثمار اعتراف الحكومة العراقية بالهزيمة

بقلم: سلام سرحان

الشرق اليوم- العروض التي يتسابق رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والبرلمان العراقي لتقديمها من أجل إطفاء الاحتجاجات، تؤكد تصدع جدران النظام السياسي، وهي بمثابة إعلان لهزيمتها، لكن التردد في استثمار ذلك بمطالب واقعية يمكن أن يؤدي إلى ضياع الفرصة ودفع البلاد إلى حافة الفوضى الشاملة.

يمكن للشبان الثوار البقاء في ساحات الاحتجاج واستدراج تنفيذ تلك الوعود، تحت عنوان خذ ثم طالب بحقوق أخرى، وأن تبدأ مثلا بالكشف عن مرتكبي جرائم قتل المتظاهرين، وتجريد الميليشيات من الأسلحة، وتعديل قانون الانتخابات، وتشكيل حكومة مستقلة.

مجرد البدء بتنفيذ ذلك واستثمار الاعتراف بالهزيمة، سيضع المنظومة السياسية الطائفية كلها على منحدر التفكك، وهو أجدى من المطالب الشاملة التي يصعب تنفيذها دفعة واحدة، إذا كانت الثورة تريد نقل البلد إلى بر الأمان.

من الطبيعي، كما في كل ثورة، أن يتصاعد الحماس وتتسع خارطة المطالب وترتفع سقوفها، لأنها تمثل خلاصة مخاض عسير ويحركها شباب بلا زعامات، وبعيدة كليا عن أي أحزاب أو تنظيمات.

لكن شعلتها الشعبية المثيرة للإعجاب وكونها بلا زعامات، يعني أيضا عدم وجود بوصلة تحدد اللحظة المناسبة وأفضل سيناريو للخروج بأكبر المكاسب التي يسعى إليها المحتجون، والتي سقط في سبيلها أكثر من 200 شهيد والآلاف من الجرحى.

الصور وتسجيلات الفيديو قدمت أرشيفا هائلا قلّ نظيره في أي ثورة أخرى، من مواقف الشجاعة المذهلة في مواجهة الرصاص الحي، إلى ملامح التنظيم والتكافل والبقاء لأيام طويلة دون انقطاع في جبهات المواجهة، وصولا إلى الدعم اللوجستي بالغذاء والدواء والوقود من قطاعات شعبية واسعة.

لكن كل ذلك ينبغي أن يصاحبه بحث عن سبل استثمار ارتباك وقلق الطبقة السياسية، من أجل هدم جدار المحاصصة الطائفية والفساد بأفضل طريقة ممكنة، وفتح الطريق أمام تحقيق أفضل النتائج التي تختزلها أكبر الشعارات؛ “نريد وطنا محترما”.

لم يواجه كل هؤلاء الشبان خطر الموت إلا من أجل إنقاذ البلاد ورسم مستقبل أفضل. لذلك ينبغي قطع الطريق على طهران والميليشيات التابعة لها، التي لن تتردد في دفع البلاد إلى الفوضى الشاملة، إذا اعتقدت أن ذلك يمكن أن ينقذ إيران من سجن العقوبات القاتلة، مهما كان ذلك الاحتمال قريبا أو بعيدا.

ملامح تحقيق أهداف الثورة بدأت تظهر بوضوح في تصدع جدار النظام السياسي الطائفي، خاصة لأن الاحتجاجات تكاد تقتصر على المناطق، التي كانت الجماعات الموالية لإيران تعتقد أنها تحت وصايتها، أي مناطق وسط وجنوب العراق.

لم يعد ممكنا ذكر اسم طائفة غالبية المحتجين، بعد أن أصبح جميع سكان البلاد عراقيين أولا وأخيرا، باستثناء أتباع طهران وبعض المستفيدين من النظام الطائفي الفاسد، بل إن العنوان الأكبر للثورة هو، بالتحديد، استعادة سيادة العراق وإنهاء النفوذ الإيراني.

لا يمكن للاحتجاجات أن تستمر إلى الأبد، ما دام الشبان المحتجون لديهم غاية محددة وهي إنقاذ البلاد، وهم قبل كل شيء لديهم حياتهم وجامعاتهم وعوائلهم التي يعيلونها، إضافة إلى أن الاحتجاجات تؤثر، حتما، على نشاط وحياة الملايين من سكان البلاد.

المشكلة تكمن في اختيار ممثلين لرسم سيناريو تفكيك الدولة الطائفية من خلال خطوات ومطالب محددة. ربما على المحتجين اختيار محامين بعناية شديدة لجمع وترتيب مطالبهم والتفاوض بشأنهم، على أن يتم حصر وظيفتهم في التفاوض فقط، مثل أي توكيل في القضايا المدنية.

ويمكن لهؤلاء المحامين أن يكونوا حتى من دول عربية أو أجنبية لمنع اختطاف مطالب المحتجين من قبل زعامات جديدة، قد يتم ترويضها وحرفها عن مسارها من قبل القوى السياسية.

شاهد أيضاً

حدود “خلاف” بايدن ــ نتنياهو… فوق أنقاض رفح

بقلم: إياد أبو شقرا- الشرق الأوسطالشرق اليوم– ما زلتُ حائراً في تقدير قرار الرئيس الأميركي …