الرئيسية / عام / استقالت ماي فازداد الموقف غموضا

استقالت ماي فازداد الموقف غموضا

بقلم: بهاء العوام-العرب اللندنية

لم تكن ماي حجر العثرة الوحيد أمام استقرار الأوضاع، ولكنها كانت الشماعة التي علّق الجميع عليها أخطاءه.

الشرق اليوم- تتشابه استقالة رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، مع استقالة رئيسة الوزراء مطلع التسعينات من القرن الماضي مارغريت تاتشر. الرئيسيتان استسلمتا لحصار داخلي من الحزب أجبرهما على الاستقالة، وأرباب المال كانوا وراء الحصار الذي تصدره نواب الحزب في البرلمان.

في سياق المقارنة، لا بد من القول إن المملكة المتحدة عاشت في العهدين مرحلة أفرزت أزمات سياسية واقتصادية، فكان تغيير الحكومة هو الحل الأمثل للخروج منها. انتقلت السلطة لشخص آخر من حزب المحافظين، وهذا هو آخر مواطن التشابه بين التجربتين حتى الآن على الأقل. كثيرون من الساسة البريطانيين كانوا ينتظرون هذه اللحظة. استسلمت ماي واستقالت من رئاسة الوزراء، ولكن لصالح من وماذا ننتظر الآن؟

زعيم المعارضة العمالية، جيريمي كوربين، توقع أن تذهب البلاد لانتخابات مبكرة وطلب من أعضاء حزبه الاستعداد لها. فهل يقبل المحافظون خوض منافسة تشير الاستطلاعات إلى تفوق خصومهم فيها؟

استقالة تيريزا ماي لا تخلو من انتقام إن جاز التعبير، فقد وقعت ماي في شرك معارضة داخلية في حزبها، أصابتها بشلل سياسي لم يعد أمامها للخروج منه إلا أن تستقيل، “وعليها وعلى أعدائها” كما يقول المثل الشعبي.

عاشت ماي خلال الشهرين الماضيين، شبه عاجزة عن التقدم خطوة واحدة في قضية طلاق لندن وبروكسل، سواء لصالح المؤيدين للخروج أو للبقاء. تحولت من قائد للبلاد إلى وعاء سخرية إعلامية وميدان منافسة سياسية بين خصومها من داخل الحزب وخارجه. دموعها وهي تلقي خطاب استقالتها كانت لتبوح بأكثر من ذلك لو مرت مقلتاها على عدد أكثر من السطور.لن يحسم غياب ماي صراع معسكريْ البقاء والخروج داخل حزبها. لقد بدأ الصراع للتو وأولى مهام خليفتها ستكون قرارا نهائيا بالعدول عن الخروج أو تنفيذه دون مماطلة. لن يؤخذ الموقف الخارجي بعين الاعتبار، وسيعود “البريكست” شأنا داخليا.

المرشحون لخلافة ماي هم صقور الحزب في الاتجاهين. المزاج العام في المملكة المتحدة منقسم إزاء مسألة الخروج كما هو حال الأحزاب السياسية، ولكن بعض المؤشرات لا بد أن تؤخذ بعين الاعتبار عندما يجتمع المحافظون لاختيار قائدهم الجديد ورئيس الحكومة المقبلة.

تمدد حزب “البريكست” أول المؤشرات التي يجب أن يلتفت إليها المحافظون، ثم نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة، وتراجع العُملة وأداء الاقتصاد الوطني عموما، وتأييد حزب العمال لإجراء استفتاء جديد على الخروج، وأخيرا احتدام الصراع بين وسائل الإعلام المؤيدة والمعارضة لهم.

لم تكن ماي حجر العثرة الوحيد أمام استقرار الأوضاع، ولكنها كانت الشماعة التي علق الجميع عليها أخطاءه. غيابها سيزيد الموقف غموضا، ولكنه في ذات الوقت سيفضح الكثيرين ويكشف ثغرات عديدة في سياستي البلاد الداخلية والخارجية.

شاهد أيضاً

جامعات أميركا… حقائق وأبعاد

بقلم: إياد أبو شقرا- الشرق الأوسطالشرق اليوم– «الانتفاضة» التي شهدها ويشهدها عدد من الحُرم الجامعية …