الرئيسية / دراسات وتقارير / نيويورك تايمز: داعش يتحول إلى تكتيكات حرب العصابات

نيويورك تايمز: داعش يتحول إلى تكتيكات حرب العصابات

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية تقرير أشارت فيه إلى أن داعش تحول إلى تكتيكات حرب العصابات، وأنه أقوى الآن مع إعلان أمريكا سحب قواتها من سوريا، وأنه قام بتنفيذ 1200 هجوم بعد إعلان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، هزيمته في 2018.

قالت الصحيفة إن التنظيم، الذي سيطر ولثلاث سنوات على مناطق في سوريا والعراق، وأدار في هذه المناطق دولة، وجمع ملايين الدولارات من الضريبة، واستخدم المال لإصلاح المطبات، وأصدر شهادات ولادة، ومول هجمات، وجند أتباعا له من أنحاء العالم، والآن فقد داعش حوالي 99% من الأراضي التي كان يسيطر عليها، ، وهو ما دفع البيت الأبيض للقول إن التنظيم “قد مسح” وتم “طمسه بالكامل”، وأنه “في النزع الأخير”.

إلا أن الحديث عن هزيمة التنظيم، كما قال الرئيس دونالد ترامب، فيه تجاهل لدروس التاريخ، فقد أعلن عن تلاشيه في الماضي، ليعود ويثبت خطأ السياسيين، فأن الهجوم الأسبوع الماضي على محل شاورما في مدينة منبج، الذي قتل فيه 15 شخصا، بينهم أربعة أمريكيين، هو دليل على خطورة التنظيم.

شن تنظيم داعش بعد إعلان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، عن هزيمة التنظيم في عام 2018، حوالي 1200 هجوم.

يقول المستشار البارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، سيث جونز، “يخطئ الناس عندما يعتقدون أنه عندما تخسر مناطق فإنك ستواصل الخسارة.. عندما تخسر مناطق، يقرر الخاسر التحول نحو استراتيجية حرب العصابات، وأساليب تضم اغتيالات وكمائن وتفجيرات.. بهذه الطريقة تواجه فيها عدوك”.

إعلان ترامب عن هزيمة التنظيم هو المرة الثانية التي يتم فيها وصف التنظيم بهذه الطريقة، فقبل عقد من الزمان، تم وصف تنظيم داعش في العراق بهذه الطريقة، بعدما تم ضربه بشدة، بحيث لم يتبق لديه سوى 700 من المقاتلين.

قال قائد التنظيم ،أبو عمر البغدادي، حينها “لم يتبق لدينا مكان نقف فيه ولو لمدة ربع ساعة”.

جاءت هذه التصريحات في رواية للتنظيم قبل خروج القوات الأمريكية من العراق في عام 2011، إلى أن الانسحاب الأمريكي منح الجماعة الفرصة لإعادة بناء نفسها وبشكل سريع، وبعد أربعة أعوام استطاع التنظيم السيطرة على مناطق تعادل مساحتها مساحة بريطانيا.

إن التقديرات حول قوة التنظيم هي اليوم أفضل بعد الخروج الأمريكي من العراق، ومع أن الكثير من قادته قتلوا، إلا أن زعيمه أبو بكر البغدادي ونوابه الكبار لا يزالون أحياء.

أن خسارة التنظيم لمناطقه جعل من مهمة التجنيد مستحيلة، ولم يعد يتجه إلى المنطقة إلا أعداد قليلة، مقارنة مع آلاف من المتطوعين الذين تدفقوا على سوريا والعراق، عندما أعلن التنظيم عن “الخلافة” في عام 2014.

شن تنظيم داعش بعد إعلان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، عن هزيمة التنظيم في عام 2018، حوالي 1200 هجوم، بحسب البيانات المتوفرة، فيما يواصل أتباعه في الخارج هجماتهم، كما في هجوم ستراسبورغ في فرنسا، حيث ترك المسلح “يو أس بي” سجل فيه ولاءه للتنظيم، إلى عملية جبال الأطلس في المغرب، الذي قتل فيه سائحين من أسكندنافيا، وهجوم منبج الأخيرالذي ذكر العالم بقدرة التنظيم على القيام بهجمات قاتلة.

قال المتحدث باسم المجلس العسكري لمدينة منبج، شروان درويش، “يعرف الجميع، وقلنا هذا من قبل، إن المعركة ضد تنظيم داعش لم تنته، ولم يختف خطره”.

تشير تقديرات البنتاغون ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إلى أن عدد المقاتلين التابعين للتنظيم يتراوح ما بين 20 إلى 30 ألف مقاتل، وهذا العدد لا يشمل المقاتلين الموجودين في مغارات أفغانستان، أو أدغال النيجر ومالي، أو صحراء سيناء في مصر، أو المناطق الخارجة عن القانون في اليمن وليبيا ومناطق أخرى عدة للتنظيم فيها فروع.

قرر قادة تنظيم داعش التحول نحو حرب العصابات،

يحاول التنظيم إظهار أن خروج الولايات المتحدة دليل على أنه تفوق على العملية الأمريكية، ففي شريط فيديو بصوت أحد مسؤولي الدعاية المشهورين ترجمان أسورتي، تباهى فيه كيف أصبح التنظيم قويا أكثر من القوات الأمريكية المنسحبة، وقال، “عندما أعلن أوباما الخروج الأمريكي من العراق كانت نار حربنا في العراق مشتعلة..اليوم لا تزال الحرب مشتعلة في العراق وسوريا واليمن وأفغانستان وصحراء سيناء وشرق أفريقيا وليبيا”.

رغم خسارة تنظيم الدولة لمناطقه كلها تقريبا في العراق وسوريا، إلا أن قادة التنظيم قرروا التحول نحو حرب العصابات، كما قال جونز من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، فأعلن عن هذه الاستراتيجية في عام 2017 من خلال مقال في مجلة “النبأ”، وقارن في تلك المجلة الوضع الذي يواجهه بالوضع الذي كان يعيشه بعد الانسحاب الأمريكي عام 2011.

وجاء في المقال “لم يعد بالإمكان استمرار القتال من خلال الطرق التقليدية”، ووضح المقال أن الكتائب العسكرية حلت، وتم تدريب ما تبقى من المقاتلين على زرع القنابل البدائية، وقال: “بدلا من مواجهة قوات أمريكية مدججة مقارنة بقوتنا الصغيرة بعتادها القليل فقد اتخذ القتال شكلا جديدا”، فبدا التنظيم في ذروة قوته مثل جيش تقليدي يخوض المعارك مستخدما مصفحات تي-55.

قال المحلل من مركز التحرير في واشنطن،حسن حسن، إن التنظيم بدأ بالتحول نحو حرب العصابات في عام 2016، وقبل عام كامل من خسارته معظم المناطق، ووثق حسن في بداية 2016 كيف قام التنظيم بعمليات انتحارية استهدفت حكام المناطق الجدد، التي خرج منها بهدف التسبب بأكبر قدر من الأضرار وليس استعادتها.

في حين أن الزميل البارز في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى مايكل نايتس، وثق كيف استهدف التنظيم وبدقة مخاتير القرى وشيوخها والساسة المحليين، فيما كانت هناك 15 محاولة اغتيال ضد القادة المحليين في الأشهر العشر الأولى من عام 2018، مشيرا إلى أن العمليات لم تحظ بتغطية إعلامية، لكنها أدت إلى نزع الثقة في قدرة الحكومة على حماية المواطنين، ودفعت بالشباب لأحضان التنظيم، وتساءل قائلا: “لو جاء تنظيم داعش في كل شهر من العام وقتل أهم شخص في البلد فهذا يعني أنك لم تتحرر”.

ويشير نايتس إلى أن أساليب التنظيم تكشف عن الأساليب التي أدت إلى ولادته من جديد ذاتها، و”اكتشفوا أنك لست بحاجة للقيام بـ6 آلاف عملية في الشهر، لكن عليك قتل أهم 50 شخصا في كل شهر”.

إن التنظيم يتحدث في أدبياته عن المرحلة الجديدة وهي “الرصد”، ويقول المحلل حسن إن تنظيم داعش ينفق وقتا طويلا لمراقبة روتين القوات الأمنية في البلد، و”ويبعت عن الثغرات الأمنية وأوقات الحركة.. عندما يرى الثغرات تبدأ بالعمل من خلالها”.

وتأكيداً على ذلك فأن التفجير في منبج كان في مطعم قصر الأمراء المحطة المناسبة للجنود الأمريكيين بعد نهاية دورياتهم لشراء المشاوي التي يشتهر بها أو الجلوس فيه، ولم يتخذ الجنود أي إجراءات لإخفاء تحركاتهم.

أن البيان الذي أصدره التنظيم بعد العملية أشار إلى عضو في الجهاز الأمني التابع له في منبج، قائلا إنهم حاولوا ضرب الأمريكيين في المناطق الريفية من المدينة، لكنهم فشلوا حتى الأسبوع الماضي”، وأن “التنظيم توصل بعد مراقبة إلى أن الأمريكيين يتحركون بين ثلاث قواعد عسكرية على أطراف منبج، وأنهم عندما ينتقلون لمرافقة المقاتلين الأكراد ينطلقون في قوافل مكونة من 10 سيارات مصفحة”.

تختم “نيويورك تايمز” تقريرها بالقول إنه رغم أنه من الصعب التأكد من المعلومات الواردة في بيان التنظيم، وعدم تقديم المسؤولين في البنتاغون معلومات جديدة، إلا أن ما ورد فيه يتناسب مع ما هو معروف عن أساليبه، وبأن لدى مقاتليه خلايا نائمة.

شاهد أيضاً

إسرائيل تسلم الوفد المصري رسالة “الفرصة الأخيرة”

الشرق اليوم- أبلغ مسؤولون إسرائيليون نظراءهم المصريين، مساء أمس الجمعة، أن إسرائيل مستعدة لمنح مفاوضات …